أبدى خبراء سياسيون سعوديون دهشتهم من بيان وزارة الخارجية الروسية الأخير الذي أبدت فيه موسكو قلقها مما سمته «الاضطرابات الأمنية في المنطقة الشرقية بالسعودية»، آملة من السلطات السعودية «اتخاذ كافة الإجراءات من أجل تطبيع الأوضاع في المنطقة الشرقية ومنع حدوث صدامات جديدة على أسس طائفية مما يضمن مبادئ حقوق الإنسان المعمول بها ومن ضمنها حقي التعبير والتظاهر السلمي»، بحسب البيان. جاسر الجاسر وانتقد الخبراء، في حديثهم ل «الشرق»، عدم إظهار موسكو نفس الحرص على حقوق الإنسان في سوريا، واصفين بيان الخارجية الروسية ب «المناكفة السياسية» خصوصاً في ظل قمع النظام الروسي معارضيه في الداخل. واعتبر الكاتب السياسي جاسر بن عبد العزيز الجاسر تضخيم وسائل الإعلام الإيرانية وأخيراً الروسية ما يجري من أحداث في بلدة العوامية شرق المملكة «نفخاً إعلامياً يغاير حقيقة الأحداث على أرض الواقع ويرمي بصورة غير مباشرة إلى تعزيز موقف بشار الأسد في سوريا». وقال الجاسر إن روسيا لا ينبغي أن تلقي على الآخرين خُطَباً في حقوق الإنسان إلا إذا كانت هي أسوة في هذا المجال «وهو غير حادث»، حسب قوله، مضيفاً «المملكة تتعامل مع مثيري الشغب والفتنة في القطيف كما تعاملت سابقاً مع الفئة الضالة والمطلوبين الأمنيين ورجال القاعدة، وذلك بمفهوم وطني خالص بعيداً عن الطائفية». عبدالله الشمري بدوره، وصف الخبير في الشؤون الدولية، عبد الله الشمري، تصريحات مفوّض حقوق الإنسان في الخارجية الروسية قسطنطين دولغوف تجاه المملكة ب «محاولة لذر الرماد في العيون وتحويل الأنظار عن الجرائم التي يقوم بها النظام السوري ضد شعبه بأموال وأسلحة روسية». ورأى الشمري أن العرب والمسلمين لن يغفروا لروسيا دعمها لنظام الأسد، كما لم يغفروا لها من قبل تدمير بلد إسلامي وهو أفغانستان وقتل شعب مسلم هو الشيشان. وقال الشمري إن المملكة وإن كانت تستنكر مثل هذا التصريح إلا أنها يجب ألاَّ تعطيه أي اهتمام لأنه صادر عن نظام يتعامل وفق «دبلوماسية تاجر السلاح المهيمنة على طبيعة تعاطي روسيا مع الخارج»، وتابع «العلاقات الروسية الخليجية مقدمة على مرحلة شبه قطيعة بسبب السياسات العدائية للدبلوماسية الروسية ضد الخليج بشكل عام والسعودية خصوصاً». وحيد هاشم من جهته، استنكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز، وحيد هاشم، البيان الروسي الأخير لأنه وبحسب تعبيره كان أولى بالروس ألاَّ يحاولوا ممارسة مثل هذه الوصاية «اللفظية» على المملكة. واعتبر هاشم أن ما صدر عن موسكو يتنافى و مبادئ نظامها المستند إلى أدوات قمعية في مواجهته لنشاطات المعارضة الوطنية الروسية، التي كان آخرها تشديد نظام المراقبة على وسائل التواصل الاجتماعى إلكترونيا. ورأى هاشم أن الروس على الدوام محل شك الآخرين، لأن التاريخ السياسي الروسي اتسم طوال عقود طويلة بالتضييق على الحريات العامة ومصادرة حرية التعبير ومحاولة خلق نمط اجتماعي واحد ومقولب وفرضه قهريا على الروس. وتمنى هاشم من النظام الروسي إن كانت تعنيه حقا قضايا حقوق الإنسان على المستوى العالمي أن يلتفت إلى «جرائم حليفه الإيراني في حق المتظاهرين من عرب الأحواز، أو تلك التي يمارسها حليفه الآخر في دمشق بحق الثوار».