تدور في المجالس حوارات وأحاديث متشعبة لعل أبرزها في هذه الأيام وضع التعليم الجامعي في بلادنا، خصوصاً إجراءات القبول ورسوم التسجيل ومعاناة خريجي الثانوية العامة التي تتكرر كل عام من عدم دقة المعلومات والمواعيد الإلكترونية التي تحدد في بعض الجامعات. *** ويظهر بين الحين والآخر سؤال مهم عن مدى نجاح الجامعات في استيعاب أكبر قدر ممكن من خريجي الثانوية العامة، والالتزام بتقديم تعليم يتميز بالجودة في ظل الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة، الذي بلغ في العام الماضي حوالى 46 بليون ريال، ولماذا تحول الانتساب في جامعاتنا من المجانية إلى «الرسملة»؟ ••• هنا أنقل «مع بعض التصرف وأحياناً باللهجة العامية» ما دار في جلسة مطولة خيم عليها التشاؤم والتذمر، كان الحديث فيها بتوسع وتركيز عن الرسوم التي تتقاضاها الجامعات من الراغبين في التسجيل في نظام الانتساب الجامعي. قطبا الحوار هما: الأول: أحد كبار السن يبدو أنه متقاعد. والثاني: أكاديمي في إحدى الجامعات. ••• في البداية تساءل المحاور في حنق: مادامت الدولة تصرف على الجامعات مبالغ طائلة، فلماذا يفرضون رسوماً على الطلاب الذين يرغبون في الانتساب؟ هل تعاني الجامعات من عجز مادي وتريد تعويضه من المواطنين؟ رد الأكاديمي: يا أخي الفاضل، أعتقد أن الانتساب وضع أصلاً للموظفين وليس للطلاب، فالموظف يملك راتباً شهرياً يمكن استقطاع جزء منه لرسوم الانتساب. وفي الحقيقة الثلاثة آلاف المطلوبة في الفصل الدراسي ما هي كثيرة. رد عليه المحاور بحدة: الثلاثة آلاف ريال ما هي كثيرة؟! صحيح ما هي كثيرة عليك وعلى أمثالك اللي تأخذون الدراهم «رزم مربوطة» كل نهاية شهر. أما الموظف اللي ينتسب فيبغى يزيد من راتبه بعد الشهادة الجامعية لأن راتبه ما هو مكفيه. أما أولادنا فبيلقون رزقهم إن شاء الله. وبناتنا بيتوظفن في التعليم. لكن سؤالي: ليش يأخذون منا رسوماً والدولة الله يحفظها ما هي مقصرة تخصص كل سنة للجامعات مليارات ومليارات؟ الأكاديمي: يعني بالله عليك هم يأخذون الرسوم ويودونها بيوتهم؟ أكيد يصرفونها في خدمة المنتسبين. المحاور: طيب، خلينا نحسبها، إذا كان عند الجامعة 5000 منتسب أضربها في ستة آلاف ريال رسوم الانتساب في السنة، يعني ثلاثين مليون ريال يقتصونها من رزقنا ورزق عيالنا. في أي شي يصرفونها؟ فالمباني تتبع الدولة، والاختبارات ما تحتاج إلا لمراقبين، والمصححون لأوراق الاختبار من الجامعة… يا رجّال الطاسة ضايعة. الأكاديمي: يا أخي أنت فاهم غلط، الانتساب يتبع كلية خدمة المجتمع والدكاترة اللي يشتغلون في الانتساب يأخذون مكافآت لأنهم يعملون زيادة عن عملهم الرئيسي في الجامعة، يعني زيادة عن جداولهم المعتادة. المحاور: خدمة المجتمع، أنا أتحدى يعطونا شي خدموا فيه المجتمع، وين؟ ماشفنا شي ولا سمعنا عن شي؟ اللي نعرفه أنهم يجمعون الفلوس، وين تروح ما ندري؟ الأكاديمي: يا أخي ما هذا الكلام الفاضي؟ يعني تريدون كل شي بالمجان؟! وبصراحة إذا ما عندك استطاعة تدفع الرسوم وتشتري الكتب والمراجع وكمبيوتر لعيالك وتشترك في الإنترنت، فمن الأفضل أن تبحث لهم عن أي شغلة غير الدراسة. المحاور: اسمعني زين. أنت فين عايش؟ أكيد في المريخ. يا أخي كل ما راح الولد محل يطلب وظيفة قالوا له خل ملفك معك وهات رقم تلفونك وحنّا نتصل بك، الظاهر إنه بينهبل قبل ما أحد يتصل به. رحنا عند صندوق الموارد البشرية قالوا لازم يكون فيه عقد توظيف مع أي شركة حتى ندرب ولدك. اتصلنا بالصندوق الخيري قالوا والله حنا ما نسدد رسوم الانتساب. رحت أتسلف من أخوي قال الحال من بعضه (لا تشكي لي وأبكي لك). قدمت للضمان الاجتماعي قالوا طلبك مرفوض لأنك تستلم راتباً من التقاعد. رحنا لحلقة الخضار نستأجر محل لقينا المحلات كلها للبنغالة. في الآخر أخذت ولدي للقهوة، تقهوينا، سولفنا، شربنا الشيشة (خربانة.. خربانة) وانبسطنا واتفقنا على اتخاذ قرار مهم أن ننزل شهادة تخرج الولد من الثانوية من جدار المجلس في البيت ونعلق بدالها لوحة نكتب عليها بالخط العريض (حسبنا الله ونعم الوكيل).