شارك محمد السيد علي (33 عاما) ملايين المصريين قبل عامٍ ونصف اعتصامهم الكبير لثمانية عشر يوما في ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط النظام المصري والرئيس السابق حسني مبارك. وبالأمس عاد السيد إلى التحرير مجددا لكن هذه المرة لدعم الرئيس الجديد محمد مرسي أمام خصومه السياسيين عبر المطالبة بمنحه كامل صلاحياته بالإضافة لتطهير مؤسسات الدولة التي تصارعه على السلطة. واكتسب التحرير شهرة عالمية حين تجمعت فيه كافة أطياف المجتمع المصري وقواها السياسية في 25 يناير 2011 للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية لكن الاعتصام انتهى بقيادة الثورة لإسقاط حسني مبارك. وفي يونيو الماضي، وبعد سباق انتخابي عنيف، انتُخِبَ محمد مرسي، الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، رئيسا للبلاد، لكن المجلس العسكري أصدر إعلانا دستوريا مكملا حدَّ كثيرا من سلطات رئيس الجمهورية وخلق للمجلس العسكري وضعا متميزا في شؤون البلاد. ويقول السيد، الذي يعيش في مدينة فايد (نحو 110 كيلو متر شمال القاهرة) «التحرير شاهد على الفرق بين مبارك ومرسي.. فالتحرير خلع الأول ودعم الثاني لأن الفارق بينهما كبير»، وواصل السيد بينما كان يهتف « باطل.. إعلان دستوري باطل» قائلا «الإعلان الدستوري حرم الرئيس مرسي من الكثير من الصلاحيات وجعله ضعيف أمام المجلس العسكري». ودعت جماعة الإخوان المسلمين وعدد من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وعدد من الحركات الثورية أنصارها للمشاركة في مليونية أمس الجمعة لإعلان رفض الإعلان الدستوري المكمل ودعم الرئيس مرسي والمطالبة بتطهير القضاء، على خلفية الخلاف الحاد بين الرئيس مرسي والمحكمة الدستورية العليا حول عودة البرلمان المصري. ويقول السيد، الذي يعول طفلين أكبرهما عمره خمس سنوات، «أشعر بفارق كبير بين مبارك ومرسي.. أشعر بفارق مادي معنوي»، وأضاف السيد، الذي لا ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، «ولدت وتزوجت وأنجبت في عهد مبارك ولم أشعر بأي أمان مادي أو اجتماعي أو اقتصادي، لقد كان دوما رئيسا لحزبه ولرجال الأعمال» لكنه استدرك «أما مرسي فأشعر أنه رئيس متواضع وقادم من صفوف البسطاء بالإضافة إلى أنه رئيس جاء بانتخابات نزيهة». وعبر شهور، ظل ميدان التحرير مقرا لمعارضة المجلس العسكري، الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلي مبارك عن الحكم، لكنه اليوم يقف للمرة الأولى لتدعيم رئيس للبلاد منذ الثورة. وأوضح صبري مصباح، 34 عاما، مهندس كهرباء، أن الشرعية الوحيدة في مصر حاليا هي شرعية رئيس الجمهورية وقال مصباح ل»الشرق» «طبيعي أن يؤيد ميدان التحرير أيقونة الثورة رئيس مصر الثورة»، وأضاف مصباح الذي ارتدي قميصاً مطبوعاً عليه صورة لمرسي «مستعد للتضحية بدمي من أجله». ودوما ما كانت ميادين مصطفى محمود وروكسي والعباسية وغيرها من الميادين البعيدة عن التحرير تؤيد من كان يشغل منصب رئيس الجمهورية أو يقوم بإدارة شؤون البلاد حيث بدأت بتأييد الرئيس السابق مبارك أو المجلس العسكري السابق، لكنها اليوم بدلت مواقفها من «الرئيس» وتقف في موقف معارض للرئيس الحالي محمد مرسي. اللافت أن السيد ومصباح اتفقا أنهما سينزلان لميدان التحرير متى خالف مرسي وعوده الانتخابية، وقال مصباح بلغة فيها تحد «انتخبت مرسي من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، وإذا خالف تلك الوعود سأعود للتحرير مجددا لإسقاطه كما فعلنا مع مبارك».