خير الأمور الوسط، والكرم فضيلة بين رذيلتين هما الإسراف والبخل، وتقول أم كلثوم «هات إيديك ترتاح بلمستهم إيديا»، وجملة «هات إيديك» لها قصة مع البخلاء إذ يحكى أن بخيلاً وقع في حفرة وهرع الناس إلى نجدته يمدون أيديهم ويقولون له: «هات إيديك» فيرفض الرجل إلى أن تنبه أحد الأذكياء إلى أنه بخيل وقال له: «خد يدي»، فالبخيل لا يعترف بكلمة «هات» لكنه يقر بكلمة «خذ»، وأديبنا المصري الكبير «أحمد حسن الزيات» يقول عن البخيل (لا يأكل اللحم إلا مدعواً ولا يغير الثوب إلا مضطراً)، ويقال إن نهاية رحلة أي «ريال» تكون في يد «البخيل» حيث لا يرى «الريال» النور مرة أخرى!، وإذا اضطر البخيل إلى صرفه فإنه يتقبل فيه العزاء، ويقول البعض للزائر إذا أتاه، وللجليس إذا طال جلوسه: تغديت اليوم؟ فإن قال: نعم، قال: لولا أنك تغديت لغديتك بغداء طيب، وإن قال: لا، قال: لو كنت تغديت لسقيتك شراباً، فلا يصير في يده على الوجهين طعام أبداً...!. ويحكي الجاحظ أن أحد كبار البخلاء قد توفي ووجدوا عنده قالب «جبنة» عاش يتغذى عليه ولم يجدوا في القالب سوى حفرة صغيرة كان يمس منها «الجبن» مساً وعندما عاتبوا ابنه على ذلك وعلى بخل أبيه قال الابن: إن أبي كان مسرفاً وصنع هذه الحفرة في قالب «الجبن» وكان الواجب أن يشير من بعيد بالرغيف على «الجبن» دون أن يمسه.. وقانا الله شر البخل!.