تقول الأسطورة بأن بروميثيوس قام بعمل في منتهى الجرأة، حيث قام بسرقة النار، التي تعني النور والمعرفة والدفء «العقل»، قام بسرقتها من الآلهة وإعطائها للبشر، وجزاء لبروميثيوس وتجاوزاته، عاقبه زيوس بأن قيده بالسلاسل إلى صخرة كبيرة في القوقاز، وسلط عليه نسرا جارحا ينهش كبده كل يوم، ثم ينمو الكبد مجددا، ولنا أن نستبدل الكبد بالعقل، حيث يومض في فترة ما، وينخفض وميضه في فترة أخرى، هذا العقل الذي حاول بشتى السبل أن يسيّطر على الكون بشكل وآخر ويفك ألغازه، ومنها لغز الموت، والبحث عن نبتة الخلود كما حدث في أسطورة جلجامش، ونبتة الخلود هنا هي «الكلمة/ النص / الفكرة»، التي أنتجها العقل، وجعلها مشاعة للبشرية، حتى تراكمت أو دخلت في سيروة، والضرورة وحدها تجعل منها أبدية، الكلمة التي نسبها العقل مرة لذاته، وفي مرة أخرى لقوى غيبية ميتافيزيقة، وغلفها بالمقدس، ليمنحها قوة خارقة، لها حراسها الذين يمنعون البشر من الاقتراب أو تفسيرها دون أذن من سدنتها، لذا تظل الكتب الغنوصية، أو الفلسفية هي الأقرب لي من الكتب الواضحة الثرثارة التي تكرر ذاتها في كل مرة، وما يظل في الدماغ بعد كل التراكم المعرفي الذي ننهله من الكتب هو مازعزع أساستنا وعلمنا فن السؤال، كما حدث في «محاورات سقراط» التي دوّنها تلميذه أفلاطون، وكما هو في مشروع نيتشه الذي طرح سؤال الإرادة بقوة، وصرخته المدوية في «أفول الأصنام « وتوضيح « ماهية الدين» كما هي لديه ولدى فيورباخ التي تلقفها فيما بعد عبدالله القصيمي وطرحها في مشروعه السهل الممتنع مروراً بكتب هيغل وماركس وفهم المادية وتاريخها كما أوضحها فريدرش البرت لانجه وانتهاءً بكتب التفكير العلمي، إلى جانب الكتب الجمالية والإبداعية التي تظل حاضرة في البال وكمثال، الأدب الروسي وأدب أمريكا اللاتينية، وأعمال خالدة مثل رواية «البحث عن الزمن المفقود» لبروست، و»عوليس» لجيمس جويس وأعمال كافكا، وفي الشعر هولدرن ويانيس ريتسوس ومحمود درويش، وفي نهاية الأمر لي أن أقول: كل كتب العالم لم تمنحني إغماضة عين.