أتى انشقاق السفير السوري في بغداد نواف الفارس، بعد أيامٍ من مغادرة العسكري البارز العميد مناف طلاس وهروبه من سوريا، ليثبت دخول نظام بشار الأسد مراحله الأخيرة وأن احتمالات سقوطه تتزايد لا تنقص – كما يحاول هو إيهام الداخل والخارج- بدليل أن بعثيين ك «الفارس» خدموا هذا النظام لسنوات طويلة في مختلف المواقع الإدارية بدأوا الانشقاق. إذن، بدأت الدائرة القريبة من السلطة السورية الابتعاد واحداً بعد الآخر، بالأمس نجل وزير الدفاع مصطفى طلاس ابن الرستن التي دمرتها كتائب الأسد، واليوم يبتعد السفير الفارس ابن دير الزور واحدة من المحافظات التي يعاني أهلها من عنف الجيش النظامي وإصراره على القمع، والسبب في الحالتين واحد وهو أن «مناف» و»نواف» لم يطيقا الحملات العسكرية الشرسة على مدينتيهما. ومن المتوقع أن تدفع هذه الانشقاقات مزيداً من المحيطين بالأسد إلى التخلي عنه بعد أن يتيقنوا أن نهايته تقترب، ويأتي ذلك متزامناً مع إعداد الجيش الحر لما يسمى ب «معركة دمشق»، وهي موقعة تنتظر قوى الثورة السورية أن تنتهي لصالحها على غرار «معركة طرابلس» التي أنهت عملياً حكم العقيد القذافي بمجرد السيطرة على المناطق الحساسة في العاصمة. وعلى الصعيد الدبلوماسي، لن يكون «الفارس» آخر سفيرٍ يخلع العباءة الأسدية، فبحسب المعارض السوري محمد سرميني ستشهد الأسابيع المقبلة انشقاقات أخرى في صفوف الدبلوماسيين السوريين الذين بدأوا، وبحسب سرميني، إجراء اتصالات مع المجلس الوطني لإحاطته علماً بنيتهم ترك مواقعهم بعدما ضاقوا ذرعاً بإصرار الأسد على الحسم العسكري. وتطرح احتمالات تزايد وتيرة انشقاق شخصيات بهذا الوزن سؤالاً عن موقف المعارضة من هؤلاء الذين تأخر رحيلهم عن النظام شهوراً طويلة فلم يلحقوا بركب الثورة إلا أخيراً أو بعدما تبيّن لهم أن الكفة تميل في غير مصلحة الأسد، وهو سؤالٌ لن تنفصل إجابته عما يدور في ذهن قادة المعارضة السياسية والعسكرية عن مصير المصالحة الوطنية في سوريا المستقبل والموقف ممن ظلوا على الحياد وإن بدا سلبياً بل ومشاركة حسب وصف البعض في القضاء على الثورة. ويحتاج الأمر إلى مزيدٍ من الحوار حول هذه المسألة تمهيداً لمنح هذه الفئة المتأخرة في الانشقاق تطمينات تساعدها على حسم خيارها دون تخوفٍ من المجهول، ويتعلق الأمر هنا بمن لم تتلطخ أيديهم بدماء المدنيين وإن فُرِضت عليهم قيود عطلتهم من الابتعاد عن هذا النظام.