تخوف عاملون في مجال السينما في مصر من أن يتأثر قطاعهم سلباً جراء “تنازلات” قد يقدمها فنانون تنسجم مع توجهات التيارات الإسلامية بعد فوز محمد مرسي بمنصب رئاسة الجمهورية قبل ثلاثة أسابيع. وتوقع كاتب السيناريو الأكثر شهرة في مصر، وحيد حامد، لوكالة فرانس برس، أن تطرأ “متغيرات كثيرة على صناعة السينما المصرية، ولكن ليس بأمر من الأخوان المسلمين”. وأضاف “لكني أتوقع أن يقدم الفنانون تنازلات غير مطلوبة منهم”. وبحسب حامد، فإن “هذه المسألة غير مستبعدة، فالمناخ العام يفرض نفسه وذوقه على الفن” مستعيداً القول المأثور “الناس على دين ملوكهم”. ويوافق على ذلك المنتج محمد العدل، قائلاً إنه ليس متخوفاً من الأخوان المسلمين، بل “من الفنانين أنفسهم الذي قد يتحول بعضهم إلى ملكيين أكثر من الملك”، متوقعاً أن يقدم بعضهم “تنازلات غير مطلوبة منهم أساساً”. وأشار إلى تصريحات فنانات يعتبرن ضمن الصف الأول في صناعة السينما المصرية “مثل غادة عبدالرازق التي قالت في تصريح لها إنها عضو في الأخوان المسلمين، لكنها لم تكن تصرح بهذا، وكذلك تصريحات سمية الخشاب بأنها كانت تفكر في ارتداء الحجاب”. ويرى محمد العدل أن “هذه المواقف تختلف عن موقف حنان ترك التي كان موقفها بارتداء الحجاب سابقاً على المتغيرات السياسية، أو الفنان وجدي العربي الذي اتخذ مواقفه الخاصة قبل ذلك بكثير”. وأضاف “بدأت التنازلات مسبقاً من قبل بعضهم، مثل قيام المسؤول في التلفزيون المصري عصام الأمير برفض عرض مسلسل “تحية كاريوكا” في شهر رمضان، بحجة أنه لا يتناسب مع الشهر الفضيل”. وأسف العدل لأن المسؤول في التلفزيون “لم ير في الفنانة تحية كاريوكا سوى الراقصة، ولم ير فيها المناضلة (..) التي كانت من أوائل المعارضين للديكتاتورية، وهي صاحبة مقولة “خلصنا من فاروق فجاءنا فواريق”، إلى جانب تقديمها للمسرح السياسي الذي كان يوجه رسائل نقدية موجعة، ناهيك عن نضالها النقابي المتميز”. أما المخرج داود عبدالسيد فله رؤية مختلفة، إذ إنه يرى أن “فكر التيار الديني معروف بنظرته (السلبية) للفن والإبداع وللفكر”. وأضاف “كذلك فإن هذا التيار يتجه في بعض اتجاهاته إلى الإرهاب الاجتماعي”. واعتبر عبد السيد أن “فوز التيار الديني بمنصب الرئاسة، وإذا ما استطاع أيضاً الفوز في مجلس الشعب، سيكون له تأثير كبير على القانون والتشريع والقضاء، ومن المتوقع أن تحدث مشاكل كثيرة، لأن كثيرين سيعارضون”. وتخوف عبدالسيد من “تنازلات أخطر من تنازلات الفنانين، وهي تنازلات أصحاب رؤوس الأموال العاملة في صناعة السينما”. وقال عبدالسيد “معروف أن رأس المال جبان وخواف، فهو يسعى إلى الربح المضمون.. وإذا ما أحس أن مصالحه ومكاسبه ستتضرر، فإنه قد يقدم تنازلات أكبر، وقد يعمل على تغيير نوعية الأعمال الفنية التي يقوم بإنتاجها لضمان تسويقها، وتحقيق الربح دون إخلاص حقيقي للفن والإبداع، وذلك بمعزل عن التيارات الدينية”. ويتفق حامد والعدل وعبدالسيد على أن “هذه الاتجاهات ستجد في مواجهتها أيضاً فنانين ملتزمين برفض التنازل عن الحرية في الفن والإبداع، وقد يشكل هذا الخطر بداية لتوحيد القوى المختلفة لمواجهة التيارات الظلامية التي قد تفرض على حرية الفكر والإبداع والفن في مصر”. أ ف ب | القاهرة