استوقفتني حلقة إضاءات، التي استضاف فيها الإعلامي تركي الدخيل الاستشاري التربوي الدكتور إبراهيم الخليفي، الذي أشار ضمن حديثه إلى موضوع التدليل الزائد من قبل الوالدين في تربية الأبناء، تخفيفاً لحدة ووطأة الشعور بالذنب، وخصوصاً إذا كان أحد الوالدين، أو كلاهما، يقضي جُل وقته بعيداً جسدياً عن المنزل، لأي حجة كانت، أو على أقل تقدير يكون بعيداً نفسياً عن إشباع الجانب العاطفي الذي يحتاجه الأبناء كمتطلب رئيسي للنمو النفسي والعاطفي للطفل في مراحل نموه، ما يجعل الوالدان يدفعان ثمن ذلك البعد غالياً بالتدليل الزائد للأبناء للتخفيف من وطأة الذنب. وفي حقيقة الأمر، قد يخلط الكثير من الآباء بين الاهتمام بالطفل والإفراط في تدليله، فالاعتناء بالطفل شيء جيد وضروري لعملية نموه الطبيعية، غير أنه إذا زاد هذا الاهتمام عن الحد الطبيعي، كانت له نتائج عكسية تنعكس على شخصية الطفل وبنائه الشخصي في المستقبل. أقلها عدم قدرته على اتخاذ قرارات مصيرية في الحياة، أو ثقته بالنفس في حل مشكلاته بدون الرجوع إلى قرارات الأهل، التي تعطيه نوعاً من التطمين النفسي الوقتي فقط. ومن جهة أخرى، يعرف الأبناء من أين تُؤكل الكتف – إن جاز لي التعبير – بمعنى أن أبناءنا أذكياء بما يكفي لاستغلال ذلك السلوك الصادر من قبل الوالدين باستجدائهم لتلبية مزيد من تلك الحاجات، التي تكون في كثير من الأحيان غير مبررة، وفي هذا الإطار يقول «دنيس شولمان»، وهو أحد الاختصاصيين في مجال سلوك الأطفال: «إن الأطفال يترجمون ردود فعل الوالدين إلى سلوكيّات تمكّنهم من تحقيق ما يريدون، ولذا من الخطأ الكبير أن يتعوّد الطفل على تلبية كل طلباته، من المفروض أن يسمع الطفل كلمة (لا) كثيراً، ليكفّ عندها من استخدام الأساليب الملتوية لتحقيق مطالبه». نحتاج نحن الآباء إلى الوعي في أمور التربية، فلا إفراط، ولا تفريط، فمصطلح الحماية الزائدة عكسه الإهمال، وكلاهما له نتائج عكسية، ويحتاج أبناؤنا منا الاعتمادية على أنفسهم، أن نعلمهم الصيد بدلاً من أن نطعمهم سمكة!