نحن بلا شك نحب أطفالنا حباً شديداً فهم كما قال الشاعر أكبادنا التي تمشي على الأرض وواجبنا ان نعلمهم ونسهر على صحتهم وتربيتهم التربية الإسلامية الفاضلة وأن نسبغ عليهم من حناننا ما يجعلهم سعداء ويبعد عنهم الحزن والهم والكدر. ولكن هناك فرق بين الحنان والحب وبين التدليل الزائد عن الحد، بعض الآباء يرون ان تدليل الطفل نوع من الحب وهذا منطقي ومعقول لو كان التدليل بقصد واعتدال ولكن التدليل الزائد اثبتت التجارب انه لا يعود على الطفل بغير الشر والوبال وسوء العواقب! فالطفل الصغير كقطعة العجين اللينة يستطيع أبوه منذ البدء ان يوجهه الوجهة الصالحة التي يريد ويعوده العادات الحسنة ويبعده عن سيئ العادات. فإذا عوده على فعل الخير نشأ فعالا للخير وإذا عوده على الاسراف نشأ مسرفاً مبذراً فمن الخير إذن للأب نفسه ولطفله ان يعتاد سلوك الطريق القويم منذ الصغر وإلا فإنه يستحيل على الأب تقويم طفله في الكبر وقد حاد عن الطريق السوي واستحكمت فيه عادات يصعب إزالتها من سلوكه ففي هذه الحالة يكون الأب قد ظلم ابنه وساقه الى الشقاء. ونلاحظ كثيرا ان بعض الآباء يسرفون في تدليل الاطفال فينصاعون لرغباتهم الطفولية ويمنحونهم كل ما يطلبون بلا حساب ويحسبون ان هذا التدليل الزائد هو منتهى الحب وإذا تبعنا نشأة مثل هؤلاء المدللين اشفقنا على مصيرهم فالطفل المدلل قليل الثقة بنفسه ولا يدرك مصلحته في أي شيء يفعله لأنه نشأ نشأة اتكالية يطلب فيلبى طلبه في الحال وإذا غضب يحتاج الى ترضية غالية ثم هو بعد ذلك أناني يحب نفسه ولا يقيم وزنا لمشاعر الآخرين وفي هذا هدم لشخصيته وشقاء له في المستقبل. وفي اعتقادي ان تربية الطفل من أشق واجبات الوالدين فعلى الآباء والأمهات ان يحبوا اطفالهم كما يحلو لهم وألا يبخلوا عليهم بشيء ولكن الحكمة تقتضي منهم أيضا ان يكون التدليل في حدود المعقول كما ان الواجب يفرض عليهم ان يقدموا للمجتمع شاباً عاملاً سوياً محباً للناس ولفعل الخير. وما أتعس الأب الذي يدلل ابنه كثيرا فيعطيه اكثر من حاجته من النقود أو يقبل منه ان يشتم الناس ويعتدي على حقوقهم، إن مثل هذا الاب يدفع ابنه في الحالة الأولى الى الاختلاس والانحراف إن افتقر للمال ويدفع طفله من ناحية أخرى الى عدم احترامه واحترام الآخرين ذلك لأن الطفل فقد هيبة أبيه في الصغر فاستهان به في الكبر، فلنحب أطفالنا دون أن ندللهم التدليل الزائد لأن الحب شيء والتدليل الزائد شيء آخر.