طرحت الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج «أواصر» رؤية متكاملة للحد من ظاهرة الزواج العشوائي، تعتمد على تنمية الوعي بأضرار الزواج العشوائي من الخارج وآثاره السلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وهوية الأبناء المتنازع عليها بسبب اختلاف تقاليد وعادات الأبوين. وقدم نخبة من الباحثين وتحت إشراف رئيس مجلس إدارة «أواصر» الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السويلم، دراسة بعنوان «آليات عملية للحد من ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج»، أبرزوا فيها السلبيات الناجمة عن زواج أبناء المملكة من الخارج، وشملت التكاليف المادية الباهظة التي تفوق في كثير من الأحيان تكاليف الزواج في المملكة، ومنها نفقات السفر المتكرر، ومتطلبات الإقامة في بلد الزوجة، وكذلك استقدام أقارب الزوجة للزيارة أو أداء العمرة والحج على نفقة الزوج. وتضمنت سلبيات الزواج العشوائي من الخارج، ووفقاً للدراسة تعرض الأزواج السعوديون لابتزاز مستمر من قِبل الزوجة وذويها، حيث يرون في هذا الزواج صفقة أو مشروعاً يجب أن يدر عائداً لا يتوقف. وكشفت الدراسة من خلال إفادات بعض الأزواج ممن تزوجوا من الخارج، أن عدداً من الزوجات كنّ في الأصل متزوجات وعلى ذمم أزواج آخرين من بني جلدتهم، وأنهم اكتشفوا أن الزواج لم يكن أكثر من وسيلة للحصول على المال أو المجيء للمملكة ومن ثم الحصول على الجنسية السعودية. وأوضحت الدراسة التي شملت أكثر من مائة مواطن تزوجوا من الخارج أن كثيراً من الزوجات بعد قدومهنّ للمملكة والحصول على الجنسية يتغير سلوكهنّ ومعاملتهنّ لأزواجهنّ. ولفتت الدراسة إلى معاناة الأزواج والأبناء نتيجة اختلاف القيم والعادات والتقاليد في بلد الأم عنها في المملكة، بالإضافة إلى عدم حصول كثير من أبناء المتزوجين من الخارج «بطرق غير نظامية»على الوثائق التي تثبت هويتهم تبعاً لجنسية الآباء السعوديين، ما يصعّب من حصولهم على فرص التعليم والرعاية الصحية في بلدان أمهاتهم وخاصة في حال وفاة الأب أو انفصاله عن الأم. وأشارت الدراسة إلى أن عدداً من أبناء المواطنين الذين تزوجوا من الخارج، سقطوا في مستنقع الجريمة بعد انفصال الوالدين لعدم وجود من يرعاهم أو ينفق عليهم، وبعضهم تعرض لتأثير جهات سعت لطمس هويتهم الإسلامية، في بلدان الأم في غياب الأب. وأرجعت الدراسة أسباب زيادة نسبة العنوسة بين الفتيات السعوديات في جانب منها إلى تنامي ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج، التي حرمت الآلاف من بنات الوطن من حقهنّ في الزواج وبناء أسرة وجعلتهنّ عرضة لأمراض الاكتئاب والاضطراب النفسي والسلوكي. وحددت الدراسة عدداً من الأسباب التي تغذي ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج، وفي مقدمتها المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج في المملكة من سكن وأثاث، التي تفوق قدرة كثير من الشباب الراغبين في الزواج، كما شملت قائمة الأسباب التي توصلت إليها الدراسة إصراراً كبيراً من الفتيات على إكمال تعليمهنّ الجامعي وما بعد الجامعي والعمل سعياً للحصول على «عريس تفصيل»، وهو الأمر الذي يتسبب في تقدم سن الفتاة وتجاوزها سن الزواج، كذلك رفض الفتاة للارتباط بمن هو أقل منها ثقافة وتعليماً. وأشادت الدراسة بالأنظمة السعودية والضوابط المقررة بشأن الزواج من الخارج، التي تضمنها القرار الوزاري لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز «رحمه الله»، التي تمنع زواج بعض الفئات من غير أجنبيات مثل الوزراء وشاغلي المراتب الممتازة والمرتبتين 14 و15 وأعضاء السلك القضائي وموظفي الديوان الملكي ومجلس الوزراء، وأعضاء مجلس الشورى وموظفي وزارة الخارجية والدبلوماسيين ومنسوبي القوات المسلحة والمباحث العامة والاستخبارات. وأوصت الدراسة بضرورة تنفيذ عدد من الحملات التوعوية عن مخاطر الزواج العشوائي من الخارج، وإقامة ورش عمل لبحث أفضل السبل للحد من هذه الظاهرة، والاستفادة من وسائل الإعلام والاتصال في إيصال الرسالة التوعوية، والتنسيق مع خطباء المساجد لتسليط الضوء وتبصير المواطنين بمخاطر الزواج من الخارج، والدعوة إلى الالتزام بالإجراءات النظامية عند الإقدام على ذلك لتجنب العواقب السيئة، والسعي إلى تغيير قناعات المواطنين تجاه الزواج من الخارج بدعوى أنه الأقل تكلفة.