التشنجات الاقتصادية التي تهز أوروبا ربما تصدر نتائج إضافية غير مرغوبة منها إحياء الإرهاب اليساري القديم. الإرهاب يتم عادة رؤيته من خلال المنظور الإسلامي خلال السنوات العشرين الماضية مع أن الإرهابيين غير المسلمين ناشطون في عدد من الدول، خاصة في الهند وسريلانكا. من السهل نسيان السبعينيات والتسعينيات من القرن العشرين في أوروبا عندما كانت مجموعات مثل الألوية الحمراء الإيطالية و بادر مينهوف الألمانية والجيش الجمهوري الأيرلندي ناشطة كثيرا. معظم المجموعات تم تفكيكها في النهاية أو أنها لم تعد موجودة مع أن منظمة 17 نوفمبر اليونانية استمرت في العمل حتى عام 2003، عندما استطاعت الاستخبارات اليونانية بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أن تقضي على المسلحين الباقين. منظمة إيتا أيضا استطاعت أن تستمر على طول الحدود بين فرنسا وإسبانيا قبل أن تجبرها ضغوط الشرطة على إعلان وقف إطلاق النار في عام 2010 تبعه تخلي عن كل أشكال العنف في 2011. المجموعات الأوروبية القديمة كانت لديها قدرات كبيرة وغالبا ما كانت تتواصل مع بعضها البعض ولديها فكر وبرنامج مشترك من الثورة العالمية. اختطاف وقتل رئيس الوزراء الإيطالي السابق ألدو مورو من قبل الألوية الحمراء في 1978 تم التخطيط له بعناية فائقة، ومنظمة إيتا كان لديها الخبرة الهندسية لبناء سيارة مليئة بالمتفجرات يتم التحكم بها عن بعد استطاعت أن تدور حول زاوية وعبر حاجز لنسف معسكر إسباني. بادر مينهوف كانت قادرة على الحصول واستخدام صواريخ محمولة على الكتف لمهاجمة العربات المصفحة. العمل الاستخباراتي والأمني الفاعل قاد إلى اعتقال العديد من المتطرفين خلال سنوات لكن سبب اختفاء غالبية المجموعات كان التغير في المفهوم الشعبي الذي أفقدهم الدعم من مؤيديهم. الإرهابيون المحليون الذين كانوا يحظون بالاحترام في البداية لأنهم كانوا يهاجمون الدولة لمساعدة الفقراء، أصبح ينظر إليهم فيما بعد على أنهم مجرمون ومختلون عقليا. كبار المسؤولين الأمنيين عقدوا عدة اجتماعات خلال الشهور الستة الماضية في بروكسل وفي عدة عواصم للنظر في النتائج المحتملة للتطورات الاقتصادية الأخيرة. الشرطة الألمانية تتشارك قدرات المراقبة المتطورة مع إيطاليا واليونان وإسبانيا، التي تتضمن تحليلات تساعد على معرفة البيوت الأمنية. وكالة الاستخبارات المركزية تدخلت أيضا وزادت عدد طواقمها في محطات روماوأثينا ومدريد، وهي تقدم الاستشارة للوكالات المحلية حول تكنولوجيا المراقبة المتوفرة. ألمانيا، باقتصادها المزدهر، هادئة نسبيا لكن الاقتصادات التي تعاني من ارتفاع البطالة والقلق الاقتصادي، خاصة بين الشباب، تشهد نمو مجموعات الثقافة المعارضة التي تنطلق من أيديولوجيات يسارية تقليدية تصر على تقديم حلول ثورية لحل الظلم الاقتصادي الواضح. إيطاليا بشكل خاص بدأت بالقمع الاستباقي حيث اعتقلت في منتصف يونيو عشرة مشتبهين بهم يعملون منظمتين فوضويتين ويساريتين متطرفتين. المجموعتان كان لديهما بنادق وأجهزة صنع قنابل. المجموعتان تنسقان عملهما مع يساريين في شمال أوروبا ومع مجموعات في اليونان. في نوفمبر 2010، قامت مجموعة تعمل مع الجبهة الثورية في اليونان بإرسال طرد بريدي مفخخ إلى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني. الاعتقالات ونشاطات الشرطة في إيطاليا جاءت ردا على قتل مدير في الصناعة النووية منذ شهر وقتل فتاة في السادسة عشرة من عمرها في تفجير خارج مدرسة ثانوية في 19 مايو. الهجومان أقلقا العديد من الإيطاليين الذين يتذكرون الدمار اليومي في السبعينيات من القرن العشرين. الحادثتان سبقتهما عدة أعمال عنف حدثت نتيجة للأوضاع الاقتصادية الحالية. كانت هناك عدة محاولات تفجير وكذلك رسائل متفجرة إلى مكاتب حكومية. الألوية الحمراء الجديدة لا تزال موجودة بشكل أقل مع أن عددا من قادتها هم في السجن وأن الجماعة لا تتمتع بتأييد واسع في الجامعات، التي نشأ منها أساسا. آخر اغتيال لمسؤول حكومي قاموا به كان في 2002. لكن الغضب يتنامى في الوقت الذي تتصاعد فيه البطالة والحاجة إلى الثورة يتنامى وهو يبدو واضحا في كتابات الجرافيتي على الجدران في المدن الإيطالية الرئيسية. هذا تطور تراقبه الشرطة عن كثب. في أثينا، الوضع مشابه لكنه بسبب سوء الوضع الاقتصادي. اليونانيون يعانون من خامس سنة من الكساد الاقتصادي الذي جعل اقتصادهم أسوأ اقتصاد في أوروبا، وهم أيضا يدخلون السنة الخامسة من عودة ظهور مستوى منخفض من الإرهاب اليساري. الجولة الحالية من العنف بدأت بسبب مقتل متظاهر شاب على يد الشرطة في 2008 وعادت للظهور مرات متكررة كلما اجتمع اليونانيون للاحتجاج. يعتقد المسؤولون اليونانيون أن المجموعات الإرهابية الخطيرة فعلا التي كانت ناشطة حتى قبل عدة سنوات لم تنجح في إعادة تشكيل خلايا، لكن مجموعات صغيرة من اليساريين المتطرفين تتشكل نجحت في ذلك ومن الصعب التعرف عليها واتخاذ إجراءات ضدها. وما يساعد قوات الأمن أن هناك صعوبة في الحصول على أسلحة غير قانونية وعلى أجهزة صنع قنابل مقارنة بما كان عليه الوضع في السبعينيات من القرن الماضي. الأسلحة غير القانونية موجودة في البلقان لكن من الصعب الوصول إليها إلا عن طريق الجماعات الإجرامية المنظمة.