قالوا لي إذا أردت شيئا بشدة فأطلقيه بشدة فإن عاد فهو لك. كيف لهم أن يعرفوا عن طائرتي الورقية التي أطلقتها في طفولتي ولم تعد! كيف لهم أن يدركوا عن كرامة المواطن العربي التي إن تغاضى عنها مرة لن تعود في كل مرة. كيف لهم أن يدركوا أن العربي يقتل نفسه ويقاتل نفسه وأنه لا يقتص له من بعض إلا المحاكم الخارجية وكأنما رحلت شريعتهم وعروبتهم! في الحقيقة كل شيء مُطلق غير وارد للعودة. حتى المسافرون غالبا إن استطعموا الحرية خرجوا بلا عودة. كل شيء إن رحل لا يعود، وإن عاد لن يكون كما كان. الحرية/ العذرية/ المال/ العقل/ العمر/ الفرصة/ الوقت… أشياء لا تعود. ولأن الحرية إن سُلبت لا تعود، لابد أن تبحث عن الحرية أينما كانت.. أن تكون حراً.. يؤهلك ذلك أن تكون «وجوديا» تواجه العالم بذاتك بأفكارك بجرأة وبطريقة خارجة عن المألوف، أن تثبت وجودك وأيديولوجيتك بعيدا عن تأثير أي ضغط خارجي أو تبعية فكرية.. أن تُعلي من قيمة نفسك.. أن تملك الإمكانية باتخاذ قراراتك الشخصية والقرارات المتعلقة بشأن الملكية الخاصة دون قيود اجتماعية.. يقول سارتر «لن أشعر بالعار إلا حينما تهرب مني حريتي وتغدو شيئا ممنوعا».. كم من العار يحدث يوميا في المجتمع.. رأي، فكرة، اعتقاد، تعبير…! الحرية تبدأ من التربية على هذا المبدأ.. التعليم حول هذا المفهوم، تطبيقه وتحقيقه يبدآن من الإيمان بشمس الحرية وعدم المصادرة خلفها.. لتفادي العار لا أكثر. الزبدة: إن خرج لن يعود، فأكرموه.