بوسع بعض المخلوقات التي لا تستوقفنا عادة أن تملأ وقتنا. أن تتأمل وزغة تتمرن على حواف الجدار وتمارس فلسفة واقعية للبقاء على قيد الحياة، يغنيك عن سماع أحاديث مكرورة عن موضوعات ماتت من كثرة علك الألسنة لها. لسان الوزغة مدار كينونتها واستخدامه ببراعة وكمال يجفلك من ألسنة البشر التي لا حرفة لها. لا تتكلم في السياسة ولا حسابات لها في الفيس بوك ولا تويتر، لا تعرف مرسي ولا شفيق ولا تتحذلق مستشهدة بمقولات مبتورة لكتاب عالميين. تحسن الوجود وتجيد جعل لسانها مادة الحياة ومحورها. هل سمع أحدكم مذمة منها في حق أحد؟ العصافير الصغيرة أيضاً ملهمة. لم تذهب للمدارس ولم تحصل على شهادات جامعية. تسرح جوعى وهي تغني وتعود راضية وهي تغني، لا تعرف الهجاء ولا تتقن لغة الشك والريبة. لن تجد بينها كائناً يزعم أن الشمس تشرق له وتغرب من أجله. يستحيل أن يبحث واحد منها عن واسطة تصطفيه وتمنحه رزق غيره وتحمله على أكتاف جماعة الطيور. الطيور مخلوقات نبيلة وكذلك الوزغ وكثير ممن سكن البر والبحر. الثعبان كمثال أنموذجي على النبل لا يتعدى على أحد. لن يهاجمك إلا إن دست عليه. الدفاع عن النفس قيمة عظيمة يحسنها هذا الكائن الفاتن. لا يحرض صغيره على الناس ولا يحذره منهم. يطلقه للحياة مع وصية بسيطة: لا تأكل أكثر من حاجتك ولا تمت دون أن تدافع عن نفسك. البشر وحدهم من يزعمون النبل ولا يعرفون في الوجود من يمكنه أن يبيع ضميره ليشهد لهم بذلك.