توفي روجيه جارودي الفيلسوف الذي كان لفترة طويلة كبير المفكرين الشيوعيين الفرنسيين، الذي شكك في المحرقة اليهودية، الأربعاء الماضي، عن 98 عاماً. وكان جارودي أدين في 1998، بعد نشر كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» الصادر في 1996 بتهمة التشكيك في ارتكاب جرائم ضد اليهود في الحقبة النازية. وأشادت صحيفة «لومانيتيه» الشيوعية بجارودي، الذي اضطلع، في نظر عدد من المفكرين الشيوعيين في الحقبة الستالينية، بدور «الفيلسوف الرسمي». ولد جارودي في مدينة مرسيليا الفرنسية لأم كاثوليكية وأب ملحد، في 17 مايو 1913. ودخل الجامعة في مرسيليا. واعتنق البروتستانتية وهو في ال14 من عمره، وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي في عام 1937، وصدر له أول مؤلفاته عام 1946. طرد من الحزب الشيوعي الفرنسي سنة 1970م لانتقاداته المستمرة للاتحاد السوفياتي، وفي السنة نفسها، أسس مركز الدراسات والبحوث الماركسية، وبقي مديراً له لمدة عشر سنوات. اعتناقه الإسلام وبما أنه كان عضواً في الحوار المسيحي الشيوعي في الستينيات، فقد وجد جارودي نفسه منجذباً للدين، وحاول أن يجمع الكاثوليكية مع الشيوعية خلال عقد السبعينيات. وبعد مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان، أصدر بياناً احتل الصفحة ال12، في عدد 17 حزيران 1982 من جريدة «اللوموند» الفرنسية بعنوان «معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان»، ووقع البيان معه كل من «الأب» ميشيل لولون، و«القس» إيتان ماتيو. وكان هذا البيان بداية صدامه مع المنظمات الصهيونية التي شنت حملة ضده في فرنسا والعالم. وفي 2 يوليو 1982، أشهر جارودي إسلامه في المركز الإسلامي في جنيف. فكره ظلّ غارودي ملتزماً بقيم العدالة الاجتماعية التي آمن بها في الحزب الشيوعي، ووجد أن الإسلام ينسجم مع ذلك ويطبقه. وظلّ على عدائه للإمبريالية والرأسمالية، وبالذات لأمريكا. يقول جارودي عن شمولية الإسلام في كتاب «الإسلام دين المستقبل»: «أظهر الإسلام شمولية كبرى من خلال استيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة، فقد كان أكثر الأديان شمولية في استقباله للناس الذين يؤمنون بالتوحيد، وكان في قبوله لأتباع هذه الديانات في داره منفتحاً على ثقافاتهم وحضاراتهم، والمثير للدهشة أنه في إطار توجهات الإسلام استطاع العرب آنذاك ليس فقط إعطاء إمكانية تعايش وتمازج هذه الحضارات، بل أيضاً إعطاء زخم قوي للإيمان الجديد، فقد تمكن المسلمون في ذلك الوقت من تقبل معظم الحضارات والثقافات الكبرى في الشرق وإفريقيا والغرب، وكانت هذه قوة كبيرة وعظيمة له، وأعتقد أن هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قوياً ومنيعاً».