في الوقت الذي تترقب فيه الأوساط صدور قانون الحماية من الإيذاء والتحرش الجنسي بعد إقراره من مجلس الشورى تطالعنا الأخبار بين فترة وأخرى عن حالات تحرش في حين أن هناك حالات لم تنشر بسبب الوضع الاجتماعي والتقاليد والأعراف وحرص المرأة العاملة على عملها وألا يتخذ أي موقف ذريعة لمنعها من العمل من قبل ذويها حرصاً عليها وعلى أنفسهم مما يشين، وقبل يومين نشرت عكاظ عن استشاري أمريكي أوقفته وزارة الصحة عن العمل في مستشفى الملك خالد بتبوك بعد ملاحظات سلوكية عليه من خلال تحرشه بالممرضات والمراجعات لعيادته التي باشر العمل فيها منذ شهر فقط وتضمن قرار الإيقاف إنهاء إجراءات سفره. القضية في نظري ليست في التحرش بحد ذاته فهذا الأمر تستطيع جهات الرقابة الإدارية التصرف فيه واتخاذ إجراءات بصدده لحين صدور النظام لكن ما يقلقني ما جاء في الخبر أن الطبيب الأمريكي له سوابق في بلده حيث تعدى بالعض على ممرضة وخنق امرأة في إحدى المراكز التي يعمل بها، وتم طرده من العمل بعد ضبط سلوكيات غير مقبولة منه ومنعه من العمل بالإضافة إلى ضعفه المهني، والسؤال البسيط الذي يطرح نفسه: من هي اللجنة التي تعاقدت معه؟ وعلى أي أساس اعتمدت؟ نظراً إلى أن الأمور مكشوفة وشفافة في أمريكا وقليل من البحث في قواعد البيانات يكشف المستور، وعقوبة التحرش لديهم قاسية جداً، وهذه ليست حالة فريدة فقبل سنوات نشرت الصحف عن استشاري بمستشفى التخصصي بالطائف قام بحوادث تحرش وأخطاء طبية وسوء سلوك ولديه سجل مهني سابق غير مشرف ومعروف ومدعم بالوثائق ومع ذلك تم التعاقد معه والإصرار على وجوده برغم الشكاوى المدعمة بالمستندات، وربما كانت هناك حالات أخرى بين حالتي الطائف وتبوك لا أعلم عنها، والحل العاجل الذي تقوم به الجهات المختصة هو إبعاد الطبيب موضع الشكوى وإلغاء عقده وهو نوع من المسكنات، ولكن العلاج الحقيقي يجب أن يبدأ من اللجان التي تسربت من خلالها هذه النماذج إما نتيجة التقصير واللامبالاة أو التواطؤ والمجاملة، ويجب محاسبتها بشفافية حتى لا نكون قد استبدلنا مقولة آخر الطب الكي بأسلوب: آخر التحقيق دمدمة الأمور.