هذا الأسبوع، سافر الرئيس أوباما إلى كاليفورنيا في جولة لجمع تبرعات للحملة الانتخابية. كان الجزء العلني الأكثر أهمية في رحلته هو لقاء علني مع عشرات من جيل الشباب في هوليود من الممثلين والممثلات. لم يضغط الرئيس أوباما فقط على نجوم ونجمات هوليود ليتبرعوا بسخاء لحملة إعادة انتخابه، لكنه حاول أيضاً أن يجند عدداً منهم لينضموا إلى حملته الانتخابية، في محاولة لإحياء حماس الناخبين الشباب، الذين كانوا رئيسيين في فوزه عام 2008 على المرشح الجمهوري جون ماكين. بعيداً عن الإعلان، توقف الرئيس أوباما في إطار الحملة الانتخابية، بحسب مصادر في قيادة الحزب الديمقراطي، ليزور الملياردير الهوليودي حاييم سابان، ليسعى إلى الحصول على دعمه المادي. السيد سابان هو أحد أكثر أنشط الصهاينة في هوليود. في إحدى المقابلات التي أجراها مؤخراً، أعلن سابان أنه «شخص ذو قضية واحدة، وقضيتي هي إسرائيل». رداً على نداءات الرئيس أوباما من أجل الدعم المالي، قال السيد سابان إنه لن يدفع فقط بسخاء لحملة إعادة انتخاب الرئيس أوباما. لكنه قال إنه سوف يجمع مبالغ كبيرة من أصدقاء آخرين للحزب الديمقراطي في هوليود – بشرط واحد: أن يتعهد الرئيس له بأنه سوف يعطي تأييده الكامل للحكومة الإسرائيلية بغض النظر عن السياسات التي تتبناها. ودون أي تردد، قال الرئيس أوباما «نعم». لتفهم مدى أهمية هذه الصفقة التي جرت وراء أبواب مغلقة، من المفيد النظر في خلفية حاييم سابان، وُلد حاييم سابان في مصر في 1944، وهربت عائلته إلى إسرائيل عندما كان عمره 12 سنة بعد أن فشل العدوان الثلاثي في الاستيلاء على قناة السويس من عبدالناصر. أساتذة سابان في إسرائيل قالوا له إنه طالب فقير، لكنه محتال بالفطرة. شق سابان طريقه من باريس إلى هوليود، حيث ألّف موسيقى للأفلام السينمائية والرسوم المتحركة وعمل في الإنتاج التلفزيوني. في عام 2001، حقق ثروة كبيرة عندما اشترت استوديوهات ديزني مشروعاً مشتركاً مع عملاق الإعلام البريطاني روبرت مردوخ بمبلغ 5.3 مليار دولار. بين يوم وليلة، حقق سابان ثروة وصلت إلى ملياريْ دولار. سابان وضع مباشرة 13 مليون دولار من ثروته الجديدة في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكينجز في واشنطن. وقام سابان بتوظيف مارتن إنديك، سفير الرئيس كلينتون إلى إسرائيل وصهيوني متحمس، كمدير للمركز. إنديك كان قد عمل لسنوات كمساعد بارز لعدد من كبار السياسيين الإسرائيليين اليمينيين، بما في ذلك إسحاق شامير. إنديك من أصل أسترالي، لكنه هاجر إلى الولاياتالمتحدة حيث عمل مع منظمة إيباك اليهودية الصهيونية. أسس مع دنيس روس مركز الأبحاث الرئيسي التابع لإيباك (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) قبل أن يجد كلاهما عملاً في الحكومة كخبيرين في شؤون الشرق الأوسط. بعد تأسيس المركز الذي يحمل اسمه بفترة وجيزة، وقع سابان في مشكلات كبيرة. في 2005، اعترضت وكالة الأمن القومي اتصالاً هاتفياً لعضوة الكونجرس جين هارمان، ناقشت خلالها محاولة التأثير على البيت الأبيض وعلى وزارة العدل الأمريكية لإسقاط الاتهامات القضائية ضد اثنين من موظفي إيباك يشتبه في قيامهما بإفشاء أسرار حكومية إلى إسرائيل. في خلال المناقشة، قالت عضوة الكونجرس هارمان إنها سوف تطلب من ديمقراطي بارز في هوليود أن يقوم بتهديد بقطع التمويل عن حملة عضوة الكونجرس نانسي بيلوتشي ما لم تعين هارمان كرئيسة للجنة الأمن القوية في الكونجرس. الديمقراطي في هوليود كان حاييم سابان. نتيجة لذلك، تم إسقاط اسم هارمان من الترشيح لرئاسة لجنة الرقابة الأمنية. وفي النهاية، تمت إدانة موظفي إيباك –ستيف روزن وكيث ويزمان- بتسريب معلومات سرية إلى مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية. مع أن معهد بروكينجر له سمعة كمركز أبحاث ليبرالي، فإن وجهة نظر سابان حول أمن إسرائيل ليست ليبرالية على الإطلاق. فقد صرح لأحد الصحفيين مؤخراً «عندما يكون هناك هجوم إرهابي، أنا أفيجدور ليبرمان. أحياناً إلى يمين ليبرمان». بالطبع فإن ليبرمان هو وزير خارجية إسرائيل الحالي، وهو يتبنى علناً طرد الفلسطينيين والعرب من داخل إسرائيل ومن الضفة الغربيةالمحتلة. لاشك أن صفقة أوباما مع سابان انعكاس للإحباط الكبير داخل حملة إعادة انتخاب أوباما، حيث إن الرئيس يأتي خلف المرشح الجمهوري ميت رومني في استطلاعات الرأي. الاقتصاد الأمريكي لم ينتعش، وفي الأسبوع الماضي ارتفعت نسبة البطالة إلى 8.2%. كما يواجه الرئيس حالياً تحقيقات في مكتب التحقيقات الفيدرالي وأربع لجان على الأقل في الكونجرس. من المفارقات أنه، في وقت يواجه فيه اتهامات بتسريب معلومات تتعلق بمشروعات الاستخبارات الأمريكية السرية الحالية، يتحول الرئيس إلى رجل يجعل ولاءه المزدوج لإسرائيل قضية فخر علني. اتفاق أوباما الأخير مع حاييم سابان ربما يعود ليؤرقه.