قام ما يزيد على 1000 شخص من مربي الماشية منذ 4 أعوام بإغلاق الطريق المؤدي إلى المطار الرئيس في الأردن لأكثر من أربع ساعات، وذلك احتجاجاً على رفع أسعار الأعلاف. وسبق ذلك في العام 2006 عدة اعتصامات للعمال بالأجر اليومي في المؤسسات الحكومية. وتصاعدت ظاهرة الاحتجاجات المطلبية لتصل خلال 9 أشهر إلى 600 احتجاج عمالي، إضافة إلى عشرات الاحتجاجات المطلبية الأخرى، في مقابل أقل من 140 احتجاجاً عمالياً في العام 2010 كما ورد في تقرير للمرصد العمالي الأردني. وشهدت الأردن تصاعد الاحتجاجات من حيث العدد ومن حيث القطاعات ، وشكلت قفزة نوعية فرضت على الدولة الأردنية التعاطي وجهاً لوجه مع القطاعات الشعبية بعد أن اعتادت سابقاً على مواجهة الاحتجاجات السياسية. وخلال العامين 2010 و2011 استنزفت سلسلة احتجاجات المعلمين للمطالبة بنقابة لهم، استنزفت الحكومات وأجهزة الأمن، وأجبرت الدولة على توجيه كامل اهتمامها لها، وحققت مطلب المعلمين بنقابة، تماماً كما حققت معظم الاعتصامات المطلبية أغراضها. وبدأت فعاليات المطالبة بالإصلاح في الأردن في مطلع العام الحالي ، وتنبهت الفئات المختلفة إلى المطالبة بحقوق سكتت عنها طويلاً، وتشجعت بتراث الاحتجاج خلال السنوات الخمس الماضية، والتي شهدت سلسلة اعتصامات لعمال الأجر اليومي في المؤسسات الحكومية عبر عدة أعوام، واعتصام ضخم لعمال الموانئ عام 2009، ثم سلسلة اعتصامات المعلمين التي شلت معظم مدارس البلاد. ويرى الناشط النقابي العمالي محمود أمين الحياري أن البلاد ستشهد موجة من التنظيم النقابي والمطلبي بعد أن تهدأ حركة الاحتجاجات السياسية. ويؤكد الحياري قيام قطاعات جديدة مثل العاملين في تصليح الأحذية بتنظيم اعتصامات تداخلت مع المسيرات المطالبة بالإصلاح. ويضيف الحياري أن الإنجاز الأكبر للحركة المطلبية هو كسر محرمات من بينها حق التنظيم النقابي للعاملين في القطاع العام، حيث تشجعت قطاعات من هؤلاء بإنجازات العاملين في القطاع الخاص وبدأوا بتنظيم احتجاجات للدفاع عن مصالحهم. وقد شهدت البلاد خلال شهري يونية ويوليو سلسلة احتجاجات قوية لموظفي ما يدعى بالمؤسسات الحكومية المستقلة وذلك رفضاً لإعادة الهيكلة التي رأوا أنها ستمس رواتبهم وامتيازاتهم الوظيفية. وقد شلت تلك الاعتصامات مرافق رئيسة من بينها البورصة الأردنية والبنك المركزي وهيئة تنظيم قطاع الاتصالات. وكذلك يرى الكاتب أحمد أبو خليل المتابع للحراك العمالي أن ظاهرة الاحتجاجات في القطاع العام جديدة، ويرجعها إلى تراجع دورالدولة وانسحابها من القطاع العام، إضافة إلى سيطرة الشركات والحكومات على النقابات الموجودة، مما دفع بالعمال إلى تنظيم أنفسهم والتحرك دون الرجوع للنقابات. ويعتقد أبو خليل أن الإنجاز الأكبر لتلك الاحتجاجات هو أن المواطنين بدأوا يرون النجاحات لتي يحققها العمل الجماعي، وأنهم لم يعودوا محتاجين إلى أساليب الاسترضاء والحلول الفردية التي كانوا يلجأون إليها سابقاً. ويضيف أن اعتصامات عمال الأجر اليومي وعمال الموانئ والمعلمين جاءت في أوساط لم تعتد على ثقافة الاحتجاج، ولم يكن الاعتصام جزءاً من ثقافتها. ولهذا يرى أنها ساهمت في المدى البعيد في تجهيز الأرضية للحراك الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي.ولكن تلك الاحتجاجات شملت أيضاً نمطاً جديداً من المطالب، حيث شهدت الأردن كذلك موجة قوية من الاعتصامات خلال شهر أكتوبر، والتي رافقها إغلاق الطرق الرئيسة، وذلك أثناء مطالبة سكان مدن وبلدات عديدة بإنشاء بلديات لهم أو استعادة بلدات ألغيت أثناء دمج البلديات عام 2001. وكانت هناك حوادث متفرقة لاعتصامات وإغلاق طرق احتجاجاً على حالات اشتبه فيها بممارسة رجال الأمن للعنف والتعذيب المفضي للوفاة بحق موقوفين، وكان الأهالي يطالبون في تلك الحالات بتحقيق شفاف لكشف ملابسات الوفيات. وإضافة إلى ذلك كانت هناك اعتصامات لموظفي بنوك معروفة، ولإعلاميين وصحفيين تم فصلهم من مؤسساتهم. لقد أصبحت ثقافة شاملة لكل القطاعات تقريباً.وعلي نفس الصعيد نفذ المئات من المتقاعدين العسكريين اعتصاماً لافتاً أمام مدخل الديوان الملكي لتحقيق مطالب تتعلق بامتيازات التقاعد. وحاولوا اقتحام البوابة، ليلتقي بهم الملك شخصياً بعد يومين، في مؤشر ذي دلالة على قدرة هذه الاعتصامات على الحصول على الاعتراف من السلطة وبأعلى مستوياتها.