فرحت صباح أمس و أنا أقرأ مقال محمد القنيبط في الشرق. خسارة ألا تجد الأقلام ذات الحس النقدي مساحتها في صحافة بلادها. القارئ يكون عادة من أول الخاسرين حينما تغيب أصوات وطنية ناقدة عن المشاركة بالرأي حول قضايا التنمية و شبكات الفساد. وهنا أعترف أن شهادتي في القنيبط مجروحة لأنني تلميذ في مدرسته النقدية. النقد ضرورة تنموية ومطلب حضاري. ما زالت أصداء حواراتي التلفزيونية مع القنيبط من العلامات الفارقة في تجربتي الإعلامية. الفرق بين القنيبط وغيره أن رؤيته النقدية فوق أنها تلامس مشكلات حقيقية تمس هموم الناس مباشرة فإنها تتكئ على منهج علمي دقيق صاحبها لا يتكلم من فراغ. إنه يوثق معلوماته و يتأكد من أدق تفاصيلها قبل النطق بها. وذلك ما يزعج من يخاصمه من مسؤولين ومن في حاشيتهم من منتفعين أو متورطين! من لا يملك الحجة للرد على النقد (الحجة بالحجة) يحيل النقد إلى خصومة شخصية. كثيراً ما جاءتني اتصالات تعترض على ظهور القنيبط في برنامجي التلفزيوني لأسباب تضحكني لأن أصحابها لا يعرفون الرد على الحجة بالحجة والمعلومة بمعلومة. بعضهم قال إن القنيبط يبحث عن منصب. آخرون قالوا إن للرجل مصالح في وزارة المالية و لهذا تخصص في نقدها. ثم جاء مؤخراً من قال إن القنيبط “حاقد” لأنه لم يعين مديراً للجامعة و هكذا. مع الأيام تأكدت للناس أهمية نقد القنيبط لممارسات أساءت للتنمية في مجالات الزراعة و الاقتصاد وسوق الأسهم وحال الجامعات! و كما هي مسألة مرفوضة أن يستغل “النقد” ضد المشروعات أو المؤسسات أو المسؤولين لأسباب (أو مصالح) شخصية فإنها – في المقابل – مسألة مخجلة أن نهرب من جوهر النقد إلى سرد قائمة من التهم ضد صاحبه، تهم لا تنتهي عند البحث عن منصب أو تصفية حسابات قديمة! حيا الله (أبو حمد) نجماً من نجوم (الشرق)!.