علمت « الشرق» من مصادر مطلعة، أن وزارة التجارة والصناعة أحالت الإستراتيجية الوطنية الصناعية إلى المجلس الاقتصادي الأعلى للبت بها، بعد تحفظها على عدد كبير من بنود الإستراتيجية. وقالت المصادر إن وزارة التجارة والصناعة تحفظت على تكلفة الإستراتيجية التي تحمل الدولة لتكاليف مرتفعة تقدر ب 40.3 مليار ريال، إذ تهدف الوزارة إلى خفض تكاليفها بشكل كبير، إلى جانب خضوع الإستراتيجية إلى تعديلات جوهرية. وبينت المصادر أن الاستراتيجية الوطنية الصناعية أعلن عنها في عام 2009، إبان تولي الدكتور هاشم بن عبدالله يماني وزارة التجارة والصناعة، حيث عكف حينذاك فريق يضم كبار المسؤولين في القطاعين العام والخاص، لصياغة بنود الاستراتيجية، وأشارت المصادر إلى أن الاستراتيجية تعطلت تماما بعد انتقال الوزير يماني للعمل في مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة. وأضافت المصادر أن وزارة التجارة والصناعة أبدت تحفظا كبيرا على تحمل الدولة تكليف تقدر ب 40.3 مليار ريال، إلى جانب أن الاستراتيجية الصناعية تعتمد اعتمادا كبيرا على ( التجمعات الصناعية )، فيما تتبنى الوزارة حاليا دعم المدن الصناعية، وهو الأمر الذي يتعارض مع الإستراتيجية الحالية للوزارة. وانتقد رئيس اللجنة الوطنية الصناعية المهندس سعد بن إبراهيم المعجل توقف العمل بالاستراتيجية الصناعية، مشيرا خلال حديثه ل»الشرق» إلى أنه يمكن العمل بالاستراتيجية مع إمكانية التعديل على بعض البنود محل التحفظ. وقال» توقف العمل بالإستراتيجية الصناعية هو كالمعتاد خطوة روتينية، إذ أشبعت دراسة وتحليل»، مضيفا « أن أبرز التحفظات على الاستراتيجية تكمن في تكلفتها المرتفعة، لكن كل شيء يقدر بثمن». وأكد المعجل وهو أحد أفراد فريق صياغة الاستراتيجية، أن المبالغ المطلوبة لتنفيذ الاستراتيجية ستنعكس إلى إيرادات كبيرة ستؤدي إلى رفع إسهامات القطاع الصناعي في الناتج المحلي، مبينا أن الصناعة يعول عليها كثيرا، وهي الخيار الاستراتيجي لتنويع مصادر الدخل، كما أنها معنية بخلق فرص وظيفية هائلة للشباب السعودي. وطالب المعجل بأهمية العمل على الاستراتيجية الوطنية التي تم وضعها، وعدم تعطيلها لأنها ترسم السياسات الصناعية التي يسير عليها القطاع الصناعي، مؤكدا أن هنالك ضررا كبيرا من تعطيل الاستراتيجية كاملة. وأوضح أن القطاع الصناعي السعودي عملاق وله إسهامات كبيرة، حيث ستسهم الاستراتيجية في رفع إسهامات القطاع الصناعي في الناتج المحلي من 10إلى 20 %، وهي مساهمة كبيرة تندرج ضمن برنامج تنوع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وهو البرنامج الوطني الذي تبنته الحكومة، وتنفذه كافة الجهات المعنية.وتتضمن أبرز ملامح الاستراتيجية الصناعية تعزيز القدرات التنافسية للصناعات الوطنية في الأسواق العالمية، تحفيز التنويع الاقتصادي، دعم الاقتصاد الوطني وتخفيض اعتماده على مصدر واحد وأساسي للدخل، تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص إضافية للعمل وتحقيق الرخاء لمواطني المملكة، الإسهام في التنوع الاقتصادي للمملكة وزيادة حجم الصادرات، والعمل على مضاعفة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي من 10إلى 20 %. ويشير ملخص الاستراتيجية الوطنية للصناعة إلى أن التجارب أثبتت أن الدول التي نجحت في تحقيق مزيد من التنافسية على المستوى الدولي هي الدول التي استطاعت إقامة مجمعات وتجمعات صناعية مرتبطة بمراكز البحث العلمي وتطوير التقنية أدت إلى معدلات نمو مرتفعة ومستقرة، كما استطاعت تحقيق الأمن الاقتصادي بمفهومه الأشمل لتملكها القدرة على تحمل التغيرات الاقتصادية ورفع مستويات المعيشة نظراً لإيجاد فرص عمل ذات إنتاجية مرتفعة وعائد مجز. وتتمثل الاستراتيجية في نظرة المملكة لما ستكون عليه الصناعة حتى 2020 حيث تقترح أن تكون الصناعة السعودية منافسة عالمية، حيث لا تعتبر صناعة معدة للاستهلاك المحلي أو حتى الاستهلاك الإقليمي والخليجي، وإنما سوقها هي السوق العالمية، و تقوم هذه الصناعة ليس فقط على رخص أو توافر المواد الأولية سواء كانت ثروات طبيعية أو حتى توافر أو رخص القوى البشرية، وإنما على الإبداع والابتكار، وهذه سمة عصر الإبداع والابتكار، بحيث تكون الصناعة قادرة على المنافسة في العالمية من حيث مستوياتها وبالتحديد المستوى التقني فيها، وهذه هي الرؤية في الصناعة، إذ تعمل الاستراتيجية على تحقيق هذه الرؤية من خلال بناء منظومة وطنية متكاملة للصناعة. وتحدد الاستراتيجية ثمانية محاور رئيسة لها ترتكز عليها، إضافة إلى برامج متفرعة منها تبلغ نحو 24 برنامجا، إذ تحاول الاستراتيجية أن تبني منظومة وطنية للصناعة، لا يقتصر اهتمامها بمكون واحد أو اثنين، لذلك يؤمل منها أن تمكن من الاستدامة الصناعية في المملكة.