باللغة المحلية عندنا في مدينة القامشلي حيث نشأت اللهجة الماردلية يطلقون على الضفدع اسم (العقروق)؛ فأجدادي يزعمون أنهم من بنوا المدينة، وحاليا أخذت اسم قامشلو واسمها الذي أعرفه القامشلي، وهي مدينة عجيبة تشبه بابل القديمة فيها 13 لغة وعشرون لهجة ومائة ملة وثمانية أديان من الطوخلركية السريان والأرمن والكاثوليك والكلدان (النسطوريين) والآشوريين، وكان فيها حارة كاملة لليهود، ثم قامت ناشطة يهودية من كندا بتهريبهم جميعا إلى دولة بني صهيون عن طريق رؤوساء الفروع الأمنية البعثية. وكل ملة ونحلة لها مدرسة وفرقة موسيقية وتقاليد. الجميع شرانق مغلقة على نفسها تتبادل الريبة والكراهية والتحمل والتجمل ظاهريا، لذا فقد كرهت بلدتي التي ولدت فيها، وتركتها ولم أعد إليها إلا بعد عقود لأكرر نفس المشاعر إنها ليست بلدتي ولا أريد أن أسكن فيها؛ فذهبت إلى منطقة قريبة من دمشق على بعد 70 كلم فبنيت لنفسي منزلا هناك في قرية بريقة من الجولان على أمل العودة والتقاعد في مناخ بديع ثم مات الأمل. واليوم مع اندلاع الثورة يتجدد الأمل، وقد يخمد إلى الأبد؛ فنودعها كما فعل البلاشفة البيض مع روسيا، أو كما فعل هرقل مع دمشق يوما فقال: وداعا يا دمشق وداعا لا لقاء بعده! وقد كان؛ فقد انتهت بيزنطة هنا، كما قد يحصل مع جيل كامل من السوريين فيودعون وطنهم إلى الأبد. هربا من دولة البعث والشبيحة حثالة المجتمع، ولكن الأمل بالله كبير أن تتحرر سوريا من يد البغاة الطغاة ويشرق وجه دمشق الأبدي. أكتب هذه الأسطر بعد مجزرة الحولة وقتل الأطفال فيها وصدمة العالم من هول هذه الجريمة، ليتأكد عندي المبدأ القرآني الذي يقول ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا؛ فالعالم كله ينتصر لهؤلاء المظلومين بشرط معرفة العالم ما يجري؛ فقد تم ذبح أربعين ألف حموي في الظلام عام 1982م ولم يتكلم أحد إلا بعد ثلاثين سنة. أنا أرى في يوم الجمعة 1 /6 / 2012م والناس في سوريا تتظاهر وتغلق المحلات ويعقد في جنيف مجلس حقوق الإنسان مع احتمال تحويل الملف إلى محكمة الجنايات، ويخرج النظام السوري المولغ في الدم ليقول إن من قتل الأطفال هم أناس لا يعرفهم من الإرهابيين؟ مهما فعل العالم لنظام البعث فلن ينفع معه شيء؛ فقد وطن نفسه أن يقود سوريا والمنطقة إلى المحرقة أو الاحتفاظ بالكرسي. يقول النظام السوري كما كانت والدتي تروي لي عن قصة الضفدع، مخاطبا العالم جميعا فيقول: نددوا واشجبوا واستنكروا واستمطروا اللعنات… بلطوا البحر.. يا جبل ما يهزك ريح! أنا الضفدع العقروق. إن كل مياه المحيطات والأنهار والبحار لم تبلل وجنتي؛ فهل سيبلل بصاقكم وجهي؟.. ها.. ها.. ها.. يضحك النظام بضحكة هستيرية مجلجلة! لكن من يضحك أخيرا يضحك كثيرا أليس كذلك؟