حائل – رباح القويعي ستحل الشركات البلدية محل شركات الخدمات الخاصة المتعلقة بالنظافة وسواها محطات الكهرباء تستخدم وقوداً سيئاً يسبب انبعاثات مرفوضة دولياً المؤسسة القضائية تسهم في الأخطاء البيئية بمنحها صكوكاً للأودية كشف أمين حائل الجديد المهندس إبراهيم بن سعيد أبو راس عن مشروع لإنشاء «الشركات البلدية» سيصدر عبر الجهات العليا قريبا، من أجل تنظيم العلاقة بين القطاعين الخاص والعام في أعمال الخدمات البلدية كالنظافة والتطوير وسواها. وقال أبو راس على القناة الثقافية السعودية، في أول ظهور إعلامي له، بعد تعيينه أمينا لمنطقة حائل الأسبوع الماضي إن المشروع يهدف إلى الخروج من مأزق العلاقة بين القطاعين الخاص والعام «حيث الوضع القائم يسير وفق علاقة تعاقدية تعطي المستثمر حرية اتخاذ القرار بعد حصوله على العقد»، مشيرا إلى أن ذلك يتسبب في الأخطاء الحاصلة في تقديم الخدمات التي يوجّه اللوم فيها للأمانة وليس للمستثمر. ومشروع الشركات البلدية وفقا لأبو راس يرتكز على «تكوين رأس مال مشترك بين المستثمر والأمانة لتأسيس شركات الخدمات التي تعمل وفق مبدأ الربح والخسارة، وتدار عبر مجلس إدارة يتكون من أعضاء من الطرفين ويرأسه أحد أعضاء الأمانة». وبذلك لا تكون شركات الخدمات «على عين التاجر فقط أو عين الحكومة فقط» بحسب تعبيره. وقال الأمين الجديد: «لدينا الآن في حائل دراسة جدوى لإنشاء الشركات المسماة (PPP) (Public-private partnership) وهي شركات شراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص يرأس مجلس إدارتها أحد أعضاء القطاع الحكومي لأن الشركات القابضة الأم تملكها الأمانة وفق هذا المخطط». وأوضح أن هذا الأسلوب سوف يقضي على العلاقة السابقة القائمة على منح القطاع الخاص رخصة العمل ثم نسيانه بعد ذلك ليقوم بالدور كيفما يريد، كما لن تبقى صورة قيام الأمانة بأعمال الخدمات التي لا تستطيع إتقان تقديمها من حيث الإمكانيات والخبرة. أول مشروع بدأه أبو راس وفي حديث عن البيئة، وهو محور اللقاء التلفزيوني مع الأمين الذي جرى بثه أمس، قال أبو راس: «أول مشروع طرحته بعد تسلمي أمانة حائل قبل أيام كان دراسة وحضر الملوثات البيئية في مدينة حائل ومشروع معالجة التلوث البيئي الحاصل في برامج تمتد عبر سنوات». وأكد الأمين في هذا الصدد على ضرورة الموازنة بين الحفاظ على البيئة وبين استغلال الأراضي والموارد العامة الطبيعية، مشيرا إلى أن الدول الأخرى تملك أنظمة صارمة في هذا الصدد وتصدر مؤشرات دورية عن الحالة البيئية لمراقبتها بشكل يتمتع بالشفافية التامة. ولكن في الواقع المحلي «هناك أنشطة قاسية على البيئة رأيتها خلال تجربتي ويجب تغيير هذا الأسلوب فورا». تطبيق الاشتراطات بالإكراه وعن وسيلة التغيير قال الأمين: «يكون ذلك بتطبيق اشتراطات دليل الحفاظ على البيئة الصادر قبل ست سنوات عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، حيث يحدد الدليل جميع الأنشطة التي تمارس على الأرض وتخلّف آثارا سلبية على البيئة، ويوضح كيفية تنفيذها وفق اشتراطات خاصة». ولكن وفقا له فإن «تطبيق اشتراطات الدليل تتم بالإكراه ولا ينفذها المستثمرون تلقائيا». وخلص من ذلك إلى تأكيد وجود أنظمة وتشريعات كافية في هذه المسألة، و لكن الخلل «أن لدينا مشكلة في التطبيق». وأوضح الأمين أبو راس أن على الأمانات أن تمتنع عن منح أو تجديد تراخيص من هذا النوع إلا عندما يقدم المستثمر شهادة بيئية من المكاتب المختصة المعتمدة في الاستشارات البيئية، وعندئذ يسمح له بممارسة نشاطه في الميدان. المصانع قد لا تلتزم واستدرك الأمين موضحا بأن حتى الحصول على ترخيص هو أيضا غير كافٍ للحماية، لأن «الترخيص مدته من 3 – 5 سنوات، فهل نضمن أن المصنع مثلا سيعمل بعد استخراج أو تجديد الترخيص على المحافظة على تقييمه البيئي؟»، وأضاف: «في بعض الأحيان تستخرج التراخيص لمرة واحدة ولا تحتاج تجديدا، لذلك هي غير كافية لضمان التزام المستثمر بحماية البيئة بل يجب أن تكون الرقابة دائمة، ويكون التقييم البيئي مستمرا وليس مرتبطا بالترخيص الدوري». محطات الكهرباء والانبعاثات الخطرة وأكد أبو راس أن «حتى الجهات الحكومية لديها أخطاء في التعامل مع البيئة، ومن بينها تصريف الصرف الصحي في الأودية والغازات المنبعثة من محطات الكهرباء نتيجة استخدام أسوأ أنواع الوقود، وهي انبعاثات غير مقبولة بكل المقاييس الدولية»، وقال: «تغييب المعلومة وتغييب المؤشرات البيئية يجعلنا نتعايش مع أخطاء كثيرة دون أن نشعر بها». موضحا أنه زار بعض المحطات والأماكن ورأى فيها تعاملا «لا يمكن تخيّله» في الإساءة للبيئة وتلويثها ولابد من وضع برنامج زمني للتحكم في هذا التلوث وإصلاح الخلل. الأديرع يحتاج دراسة وحول وادي الأديرع الذي يشق مدينة حائل ويتعرض لتلويث شبه متعمد من قبل بعض الجهات الخدمية الحكومية وسواها، وما إذا كان بالإمكان التطلع لتجربة حماية له مماثلة لتجربة وادي حنيفة بالرياض، قال الأمين أو راس: «لدي اطلاع كامل على تجربة وادي حنيفة وقد بدأت التجربة منذ أكثر من 10 سنوات، وأقول إن بعض التجارب قد تناسب بيئة معينة ولا تناسب بيئة أخرى». وأوضح: «لابد من دراسة بيئة الوادي كاملة ومعرفة مصادر الملوثات وكميتها وتعرف ظروفه الطبيعية وفي مجلس حائل البلدي طرحنا ثلاثة أو أربعة مشروعات تعنى بالتنمية العمرانية على ضفاف الأودية، فبعض الأماكن قد تكون قابلة للأزمات. واستغلالها عمرانيا يحميها وله جوانب سياحية وصحية وبيئية». وقال إن الأمانة ليست قادرة لوحدها على حماية الأودية من التلوث الخطر بل هناك شركاء في ذلك، وهم «ليسوا على أهبة الاستعداد». مشيرا إلى أن بعض الجهات كالصرف الصحي وإدارة الزراعة، لها دور كبير في الخطأ وفي سبل معالجته وأكد أنه «لابد من تعاونها الذي يتطلب مبالغ عالية وزمنا طويلا من أجل إنشاء محطاتها الخاصة». ملاحظة إلى «القضاء» وتطرق أمين حائل في حديثه إلى مسألة أخرى حول الأودية فقال: «هناك نقطة هامة حول تراخيص المشروعات في الأودية، فنحن دائما نتكلم عن التراخيص وننسى ما قبل التراخيص، وأعني عملية تملك الوادي، فكثير من الأودية استملكت عبر صكوك دون وجه حق، فيجب أن يكون لدينا تشريعات في مسألة تملك المواقع الطبيعية والأودية ويجب أن تتحرك الجهات الحكومية التي وجه المقام السامي بأن عليها تحديد مسارات الأودية وهي هيئة المساحة الجيولوجية ومدينة العلوم والتقنية ورئاسة الأرصاد للقيام بذلك» مشيرا إلى أن ذلك هو السبيل للوقاية من الكوارث المعروفة التي حدثت بسبب تملك الأودية. مضيفا أن من مؤشرات ضخامة أعمال التملك، أن عقود التطوير لبعض الأودية تتطلب فيها ميزانية نزع الملكيات مبالغ أكبر من ميزانية التطوير والتحسين ذاتها. وأكد: «أنا أحترم القضاء ولكن استمرار الوضع بهذا الشكل مع ما لدينا من شواهد ومؤشرات وتجارب سيؤدي لاستمرار المشكلات». التلوث البصري وحلوله وانتقل الأمين إلى نقطة أخرى في السياق نفسه تختص بالتلوث البصري، كاشفا أن المواقع التي تتعرض لهذا النوع من التلوث «هي أكثر من مواقع التلوث المادي التقليدي». ولمعالجة هذا النوع من التلويث يقترح الأمين أن تكون جميع أعمال الإنشاءات في المواقع الطبيعية خاضعة لرأي واستشارة الجمهور «لأن التدخل في الطبيعة والإساءة لها هو إساءة للإنسان الذي يستخدم الطبيعة». وأوضح: «يجب عدم إقصاء المجتمع عن ذلك بل تعرض عليه استبانات تستطلع رأيه لنتمكن من الحد من التلويث البصري للمواقع الطبيعية»، مشيرا إلى أن استطلاع الرأي الشعبي للأخذ به، بات متوفرا في الزمن المعاصر عبر الخدمات الإلكترونية ووسائل الاتصال الحديثة. وشدد أبو راس على وجوب التمييز بين التعامل مع البيئة وبين استغلال الموارد الطبيعية، لضمان عامل الاستدامة، وقال: «نحن نستنفد كثيرا من الموارد، ويجب إعادة النظر فيها واستخدامها بشكل مقتصد وإتاحة جزء منها للأجيال القادمة». رفض للاستثمار السياحي وفيما يخص التوجه لاستثمار المواقع الطبيعية سياحيا، بدا أمين حائل صريحا وحازما في مواجهة الشركات الكبرى التي تستغل هذا النشاط، فقال: «أنا ضد التوجه لهذا النوع من الاستثمار تماما وأتكلم من رصيد خبرة أكثر من 20 سنة في القطاع البلدي، حيث يشكل هذا الموضوع (الاستثمار السياحي) معاناة بالنسبة لنا في القطاع البلدي، وأنا لا أريد الاستثمار بهذه الطريقة أبدا». ويكشف الأسباب بقوله: «من خلال التجارب وجدنا أن المستثمر يركز على النشاط التجاري، وتغيب عنه كل المعايير الأخرى، ونعرف أن المستثمر بأي حال لن يقدّم اهتمامه بالبيئة على اهتمامه بالعوائد الربحية من مشروعه». أسلوب الاستثمار المختلط ولمعالجة هذا الخلل قال أبو راس: «قمنا بتجربة اسمها الاستثمار المختلط، فمثلا عندما نعطي رخصة لإقامة فندق في متنزه طبيعي فيجب أن نضمن ألا يحصل المستثمر على المتنزه كاملا بل نعطيه الجزء الذي يستخدم فيما يحقق عمله التجاري البحت، ونستخدم نحن بدورنا العائد المالي من هذا المشروع من أجل الصرف على باقي المتنزه من حيث حمايته الطبيعية، عبر مقاول مختص يكون ربحه المالي قائما على تقديم أعمال الحماية، بمعنى ألا تكون أعمال صيانة المتنزهات متعلقة بمن حصلوا على رخص استثمارية فيها». وأضاف: «لنا تجارب في هذا الموضوع وللأسف تمنينا أن تنتهي العقود قبل حينها، فقد كان هناك متنزهات جميلة كان الاستثمار قاسيا جدا عليها». حق الانتفاع السياحي المجاني وركّز الأمين أبو راس على ما أسماها ب «الحقوق العامة المشتركة التي يجب أن يحفظها كل المواطنين»، التي تتعلق بحق الانتفاع السياحي المجاني من الموقع الطبيعي، وقال: «من غير المناسب أن يتم استغلال المتنزه تجاريا فيما يتعلق برسم الدخول، فيضع عليه المستثمر بوابة ويلزم من يريد دخوله بدفع عشرة ريالات مثلا للفرد.. بينما المتنزهات حق عام ويجب أن نحفظها (كملكية عامة) مثل التعليم والصحة والأمن». تطبيق التقييم على الأمانات وفيما يخص دور الأمانة في الحد من التلوث الناتج عن النفايات والمرادم، قال أبو راس: «هناك مواصفات عالية جدا لتأسيس المرادم في وزارة الشؤون البلدية، وهناك عمل مستمر لتطبيق اشتراطات كافية على شركات النظافة والردم». ولكنه استدرك: «يجب أيضا أن نطبق هذا التقييم البيئي على أنفسنا في الأمانة، فربما بعض سيارات البلدية التي تلف الشوارع غير سليمة بيئيا وذات منظور بصري سيئ». غياب الاستراتيجية وأشار في ختام حديثه إلى مسألتين، الأولى تتعلق بتغييب الاستراتيجيات لإدارة المدن، فقال: «تركنا الاهتمام بالعمل الاستراتيجي، فمنذ سنوات نعمل على موضوعات محددة، ثم نكتشف دائما أن هناك تفرعات وموضوعات أخرى يجب أن يتم إنجازها لإتمام العمل الأساسي. فيجب أن تكون هناك موازنة بين العمل التنفيذي والعمل الاستراتيجي ويجب أن تكون نظرتنا شاملة وذات بعد زمني مناسب». الأمانة «فوق الأرض» فقط وفي المسألة الثانية أكد أبو راس على ضرورة تصحيح المفهوم الخاطئ شعبيا عن أن الأمانة والبلديات هي المسؤولة عن الحفريات، وقال: «نحن لا نختص إلا بما يتعلق من طبقة الإسفلت فما فوق، ولا شأن لنا بما تحت الأرض». موضحا أن الحفريات تقوم بها «مؤسسات وشركات الخدمات العامة وهي الماء والكهرباء والصرف الصحي والهاتف، ونحن في الأمانة نعاني من الحفريات تماما مثل معاناة المواطن، وصحيح أننا نحن من نمنح الترخيص للحفريات، ولكن لا نستطيع مثلا أن نرفض وصول الكهرباء أو الماء لذلك لابد من إعطاء تلك التصاريح، مع بقاء الحفريات تحت مسؤولية الجهات التي تقوم بها». جانب لأحد مشاريع أمانة منطقة حائل