ينظر كثير من الإيرانيين باحترام شديد نحو أتباع الطائفة الزرادشتية، ويرون فيهم أصل إيران، ولاتزال حتى يومنا هذا تسود في إيران كثير من العادات والتقاليد والأعياد المرتبطة بالزرادشتية، وهي مثار جدل يميل إلى التفاخر، شأنها شأن العرق الآري السائد في ألمانياوإيران خصوصاً الذي يتباهى الإيرانيون عموماً بالانحدار منه. حتى إذا شكا أحد وتذمر من المعاملة السيئة لبعض الناس، ومن الأكاذيب التي يرى أنّها سائدة في المجتمع، فإنه سرعان ما يمتدح الطائفة الزرادشتية وأتباعها، ذاكراً محاسنهم ونقاءهم، ومدافعاً عنهم وعن صدقهم. وكنت أسمع من عامة الناس أن الزرادشتية ديانة سماوية، لم أكن آخذ الموضوع على محمل الجد، إلى أن كنت يوماً أشاهد إحدى القنوات التلفزيونية المحلية، وكان أحد الملالي (رجال الدين) يتحدث في الدين وأصله وفصله وأئمته، وإذا به يقول مؤكداً :إن هناك أربع ديانات سماوية يا أبنائي، اليهودية والمسيحية والزرادشتية والإسلام. واكتشفت بعدها أنهم يؤمنون بهذا الأمر إيماناً حقيقياً مطلقاً لا يقبل الشك أو النقاش، وبدأت ألاحظ مدى الخلط بين قيم الإسلام ومفاهيمه وقيم الزرادشتية ومفاهيمها، حتى إن كثيراً من العامة يخلط بينهما خلطاً سرعان ما يذكّرك بأصل فكرة التشيع الصفوي، نسبة إلى الصفويين قبل نحو ستمائة عام، الذين حكموا البلاد وأرغموا أهلها على تغيير مذهبهم إلى التشيع، وعلى تغيير لغتهم من العربية التي سادت بعد الإسلام لأكثر من خمسمائة عام إلى الفارسية الجديدة... وللحديث صلة.