لم يشهد الأردن منذ شهور موجة مسيرات مماثلة للمسيرات التي شهدها أمس، حيث شملت المسيرات والاحتجاجات معظم المدن والبلدات الرئيسة في البلاد. ومع أن الأعداد لم تكن كبيرة إلا أن بعض المدن شهدت مسيرات غير معتادة بعد أسابيع من الهدوء النسبي. وكانت المسيرات انطلقت في الأردن في يناير 2011 ولم تتوقف حتى اليوم. وشملت مسيرات الأمس مدن العقبة ومعان والطفيلة والشوبك والكرك وعمان وإربد والمفرق والسلط، في حين سجلت مشاركة الآلاف في كل من عمان وإربد. ولوحظ امتداد المسيرات إلى مناطق عرفت تقليدياً بالهدوء، ومن بينها قرى محافظ الكرك ومدينة المفرق. وتأتي مسيرات الجمعة احتجاجاً على خطط حكومية لرفع الدعم عن سلع أساسية، وهو ما يهدد برفع أسعار معظم السلع وليس فقط المراد رفع الدعم عنها. كما شهدت معظم أيام الأسبوع الماضي مسيرات في عدة أماكن وبلدات منذ أن أعلنت الحكومة عن خططها. ويخشى مراقبون أن تكون تلك المسيرات تعبيراً عن الاحتقان الذي يعيشه الشارع الأردني وينذر باندلاع أحداث شغب وعنف مشابهة لما جرى في 1989 و1996 إذا ما قررت الحكومة المضي في خيار وقف الدعم. وتشهد البلاد أزمة اقتصادية مستعصية أدت إلى تفكير الحكومات المتعاقبة في رفع الدعم عن سلع أساسية وزيادة سعر الكهرباء، فيما تدرس بشكل جدي رفع أسعار المحروقات، ولكن الحكومات الأردنية كانت تتردد في ذلك تحسباً من ردود فعل شعبية ساخطة، خصوصاً مع استمرار المسيرات الأسبوعية المطالبة بالإصلاح وبمحاسبة الفاسدين وعدم رفع الأسعار. وفي تصريحات أمام مجلس النواب قال رئيس الوزراء فايز الطراونة إن الحكومة تدرس زيادة تعريفة الكهرباء وأسعار بعض المشتقات النفطية لتفادي ارتفاع عجز موازنة العام 2012، في حين قررت يوم السبت الماضي رفع أسعار بعض المشتقات النفطية التي قالت إنها تمس الشرائح الغنية، ومن بينها البنزين ذو الأوكتان 95، والذي ارتفع سعره بنسبة تزيد عن 20 %. وتبلغ موازنة الدولة الأردنية لهذا العام 9.6 مليار دولار، فيما يبلغ العجز 2.8 مليار دولار، ولكن الحكومة تخشى أيضاً أن يرتفع الدين العام والذي كان يبلغ في شهر فبراير 21 مليارا، حيث حذر رئيس الوزراء الطراونة من أن عدم معالجة ذلك العجز قد يؤدي إلى ارتفاع صافي الدين العام إلى حوالى 17.5 مليار دينار أردني، أي أكثر من 24 مليار دولار.