تتواصل شكوى الغلاء على لسان المواطن منذ سنوات عدة، ورغم ذلك، لم يكن لهذه الشكوى صدى لدى الجهات المختصة، تبحث أركانها ومبرراتها بشكل جاد ومُقنع، لتصل إلى حل مرض، وفيما سجلت وزارة التجارة والصناعة غياباً «متقطعاً» طيلة تلك السنوات، فضلت جمعية حماية المستهلك، أن تكون غائبة عن المشهد «تماماً»، وكأن الأمر لا يعنيها، هذه الجمعية أعلنت في وقت سابق أن لديها سبعة موظفين فقط مكلفين بمراقبة الأسعار على مستوى المملكة، واعترفت أن ليس لديها ميزانية تنفق منها على برامج حماية المستهلك، وتفرغت لرفع دعاوى على الغرف التجارية، تُطالبها بحقوق، أكدت أن مجلس الوزراء أقرها لها قبل سنوات عدة، على الطرف الآخر، يدفع المواطن وحده ثمن الغلاء من «أعصابه» قبل «جيبه». وحتى يكون لجمعية حماية المستهلك وجود فعلي على الساحة، مازال الأمل في محاربة الغلاء، يكمن في وزارة التجارة دون سواها،إلا أنها تعالج القضية ببطء يبعث على الملل واليأس معاً. قاموس وزارة التجارة خلا من أي عقوبات صريحة بحق التجار الجشعين، مثل الغرامات أو التشهير في وسائل الإعلام، إذن عليها ألا تتوقع أن تكون برامجها لضبط الأسواق، مجدية وذات نفع. قبل نحو عامين، ملأت الوزارة نفسها الدنيا ضجيجاً عندما بادرت شركات ألبان برفع سعر عبوة الحليب ريالاً واحدة، هذا الضجيج لم يكن له أثر عندما ارتفعت أسعار البيض والفواكه والخضراوات واللحوم والدجاج وحليب الأطفال بنسب تتراوح بين 40 و100%. وسائل محاربة الغلاء كثيرة ومتنوعة، ولا تحتاج سوى البدء في تنفيذها على أرض الواقع، شريطة أن تكون هناك خطة محكمة في التنفيذ، وآلية منضبطة في التطبيق، من تلك الوسائل، مستودعات الخزن الغذائي التي أعلنت عنها الوزارة قبل أيام، وأهمية استثمارها في تأمين سلع ضرورية بأسعار معقولة، وطرحها في الأسواق في أوقات الغلاء، يضاف إلى ذلك كتابة الأسعار على السلع، وإلزام الأسواق البيع بها وعدم تجاوزها، بجانب فرض عقوبات بحق التجار الجشعين والتشهير بهم، وفتح الباب أمام المواطن للشكوى من أي غلاء يقع عليه، وإذا ما تحقق هذا، سيشعر المواطن أنه محل اهتمام وزارة التجارة، وأنها تراعي مصلحته، مثلما تراعي مصلحة التاجر، وهذا وحده كفيل بإراحة المواطن «نفسياً»، ولو لم يكن هناك خفض حقيقي للأسعار.