تبرز هشاشة بنية مفاعِل بو شهر النووي الإيراني المحاذي لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي يقع في منطقة زلزالية خطرة في عرض بحر الخليج العربي، كعامل خطر يهدد المنطقة بأسرها وينبئ بكارثة قد تعم منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. ويحتاج تسرب أي إشعاع نووي حتى يبلغ دول الخليج إلى ساعات كما هو حال دولة الكويت الأقرب للمفاعل الإيراني، وتأتي المملكة العربية السعودية ثانياً حيث تحتاج الإشعاعات إلى نحو ثلاثة أيام للوصول إليها، وفي قرابة ستة أشهر قد تعم الاشعاعات عدداً من الدول العربية كمصر وسوريا والأردن والعراق ولبنان واليمن ودول أخرى كأفغانستان وباكستان وصولاً إلى تركيا. ومن الوارد جداً أن يتسبب أي تسرب في تشوه وتغير الأجنَّة البشرية في الدول التي يصل إليها بالإضافة إلى انتشار أصناف عدة من مرض السرطان، أبرزها سرطان الدم، وهو ما يهدد حياة الإنسان بشكل مباشر في المجتمعات المحاذية للمفاعل النووي، بغض النظر عن كونه للأغراض السلمية أو للعسكرية. ويمتد خطر مفاعل الجمهورية الإيرانية النووي المحاذي لدول المنطقة والخليج تحديداً إلى منطقة الشرق الأوسط التي من المفترض أن تكون خالية من أسلحة الدمار الشامل، كونها تملك أكثر مخزون واحتياطي من النفط، الذي يعتبر طاقة العصر ولا يمكن الاستغناء عنه مهما بلغت البدائل، ناهيك عن أهمية العنصر البشري بالدرجة الأولى، الذي يسبق كل الأمور المادية أياً كانت عوائدها. في سياقٍ متصل، حذر أكاديمي سعودي خبير في العلوم الفيزيائية من مغبّة حدوث أي خلل في أصول سلامة مُفاعل “بو شهر النووي الإيراني”، وقال إن ذلك سيشكل خطراً مُحدقاً على الوطن العربي بأسره وفي المقدمة دول الخليج. خبير العلوم الفيزيائية السعودي علي الشكري (الشرق) وأوضح رئيس قسم العلوم الفيزيائية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور علي الشكري، أن أثر أي تسرب قد يطرأ على المفاعل الإيراني يحتاج إلى ساعات للوصول إلى دولة الكويت، وتأتي المملكة العربية السعودية بعدها بأيامٍ معدودة، بحسب الشكري. ثم تأتي اليمن بعد دول مجلس التعاون من حيث توقيت بلوغ الإشعاعات النووية، حيث يتطلب وصول أثر الاشعاعات إليها قرابة شهرين فقط، وتحتاج الإشعاعات وقتاً أكبر لتصل جمهورية مصر العربية، وتركيا، وأفغانستان وباكستان، بالإضافة إلى سوريا ولبنان، لكن هذا الوقت لن يتجاوز ستة أشهر فقط. وعقد الشكري مقارنةً من حيث السلامة وأصولها، بين المفاعل النووي الإيراني، والآخر الإسرائيلي، الذي يفوق بو شهر الإيراني ربما من حيث ضبط وسائل السلامة الصارمة، وعزا ذلك إلى تفوق إسرائيل في برنامجها النووي، بعيداً عن كونه سلمياً أو مخالفاً لذلك. وقال أستاذ العلوم الفيزيائية “الخلل في مفاعل تشرنوبل، الذي خلَّف كارثةً إنسانية لا تزال الأجيال تدفع ثمنها في الدول التي بلغها التسرب النووي الإشعاعي، جاء نتيجة عيوب في أصول السلامة المتبعة في مثل هذه البرامج النووية، بالإضافة إلى انهيار قضبان الوقود النووي وزيادة درجة حرارته لدرجة فقد السيطرة عليه حينها، وخلال ساعات بات صعب التحكم في الأمر ومنع التسرّب الإشعاعي النووي”. وقلل الشكري من الإمكانيات التي تملكها طهران لحماية برنامجها النووي، والذي عمد الألمان على تشييده وتأسيسه، ومن ثم تولى إكمال الأمر الروس، وذكَّر بتجربة اليابان التي شهدت تسرب أحد مفاعلاتها النووية أخيراً جراء زلزالٍ وهزة أرضية، وهو الأمر الذي أحدث ربكةً وضرراً طال اليابان والدول المجاورة، ولحق ذلك الضرر بصادرات الدولة، التي تعتبر محركاً أساسياً في اقتصادها، يسبقها الضرر على حياة الإنسان بشكل مباشر. ويُصنّف الشكري الطاقة النووية كعنصر قوة للإيرانيين لعدم امتلاكهم قوة عسكرية وأسلحة حديثة يستطيعون من خلالها مواجهة أي تهديد يلحق ببلدهم، ويعتبر الشكري أن المفاعل يُمثل لهم مصدر قوة لتغذية نفوذهم في المنطقة. يأتي ذلك فيما شهدت العاصمة العراقية بغداد الأسبوع المنصرم، اجتماعاتٍ لدول (5 + 1) التي تتولى التفاوض مع الجمهورية الإيرانية حول الاستخدام السلمي لبرنامجها النووي، ولم تشهد تقدماً يُذكر، عدا كونها سارعت لوضع الرياض في الصورة النهائية التي تمخضت عنها تلك الاجتماعات، كون هذا الاتجاه لم يكُن معهوداً في وقتٍ سابق. في الوقت ذاته تواترت أنباء حول اكتشاف آثار تخصيب عالٍ لليورانيوم في إيران، قبل تلك المفاوضات بيوم واحد فقط، كما جاء على لسان المراقبين الدوليين الذين يتولون متابعة تخصيب ايران لليورانيوم، الذي قد يُستَخدم في أغراضٍ وأهدافٍ سلمية وأخرى مقابلة له عسكرية. ومع كل خطرٍ نووي، يعود العالم بالذاكرة إلى العام 1986 الذي شهد كارثة إنسانية كانت ولادتها في أوكرانيا، حيث وقع الانفجار الذي طال مفاعل تشرنوبل إثر خللٍ بأحد المولدات التوربينية في المحطة، وهو ما تسبب في حدوث اضطراب في إمدادات الطاقة في أوكرانيا، ولقي 36 شخصاً مصرعهم حينها، وأصيب أكثر من ألفي شخص وأخلي أكثر من مائة ألف شخص من المنطقة المحيطة بالمفاعل، كما خلّف خسائر مادية تقدر حينها بأكثر من ثلاثة مليارات دولار. مفاعل بوشهر.. حلم قديم للشاه قد يتحول إلى كابوس على يد خامنئي ونجاد المعدل الزمني المحتمل لانتشار إشعاعات مفاعل بو شهر