ما أكبرها من كذبة تلك التي تمثَّلت في ردود الفعل الرسمية لدول كالولايات المتحدةالأمريكية وبريطانيا وغيرهما بعد مجزرة «الحولة». ما من سياسي يتعاطى مع قضايا المنطقة إلا و يعرف جيداً دموية نظام الأسد الذي تأسس أصلاً على العنف و زراعة الرعب. كأنهم اليوم تفاجأوا بالوجه الحقيقي شديد القبح لبشار. قُتل في عام واحد ما لا يقل عن عشرة آلاف سوري على أيدي قوى الأمن السورية و العالم كله يتفرج. عُذِّب الأطفال و قُتِلُوا في الأرياف و المدن و«المجتمع الدولي» متردِّد في اتخاذ قرار صارم لوقف سيل الدم المستمر منذ عام. بل إن روسيا شريك علني في الجريمة. أما أمريكا فهي قلقة على أمن إسرائيل ومحتارة في طريقة التعامل مع إيران. أم أن واشنطن ستكرر ذات المشهد حينما تضاربت مواقفها في بداية الثورة المصرية ثم ما لبثت أن أيدت الثورة و كادت تزعم أنها من أشعل فتيلها؟ ما الذي ينتظره «المجتمع الدولي» وهو يشاهد اليوم – وعلى الهواء – المجازر المرعبة ضد الأطفال و المدنيين في سوريا على أيدي «شبيحة» الأسد و قواته الأمنية؟ وماذا ينتظر«الكبار» و هم يرون، عياناً بياناً، كيف يُذكي نظام الأسد فتنة الطائفية في سوريا و المنطقة كلها حتى يكسب مزيداً من الوقت قبل نهايته الآتية لا محالة؟ لقد عرَّت مجزرة «الحولة» نفاق العالم وتواطؤ الكبار مع القتلة في دمشق. و المؤسف أن بيننا من لا يزال يتخوف من تسليح الجيش الحر، على الأقل ليدافع عن الأبرياء، من باب الخوف من «المجهول» في قادم الأيام. و هم يعرفون عز المعرفة أن «الشيطان» – و هو الشيطان – قد يكون أرحم من نظام الأسد المستعد لحرق الأخضر و اليابس من أجل إطالة عمره في السلطة. إن أراد «المجتمع الدولي» وقف نزيف دماء الأبرياء في سوريا فلا حلَّ سوى بتضافر الجهد الدولي لاقتلاع نظام الأسد في أقرب فرصة. و إلا كانت «الحولة» حلقة في سلسلة مذابح لن تتوقف.