أمير المدينة يتفقد محافظة العيص    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس الصين في ضحايا الزلزال    تطوير الشرقية تستعرض إستراتيجيات الاستثمار    تحت ضغوط المستوطنين.. هل يتكرر سيناريو غزة في الضفة المحتلة؟    الأمين العام للجامعة العربية العربية يُدين نشر إسرائيل خرائط تضم أراضيًا عربيةً    صندوق الاستثمارات العامة يستثمر 750 مليون ريال في صندوق للمؤشرات المتداولة السعودية    محافظ الأحساء يبحث ووزير الإعلام تعزيز الرسالة الإعلامية وإبراز انجازات الوطن    وزير السياحة العماني ل «عكاظ»: مشاورات التأشيرة الخليجية الموحدة مستمرة.. والسعودية تخلق فرصاً سياحية لدول المنطقة    الأحلام بين اليقظة والمنام    مفاتيح قبول الأبناء للنصيحة    أسرار الترابط والتكامل في القرآن    5 حالات زراعة لقرنية العين بمدينة الملك سلمان    سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضا عند 12088 نقطة    "ميتا" توقف برنامج تقصي صحة الأخبار في أمريكا    الشؤون الإسلامية تقيم ندوة علمية ضمن البرنامج الدعوي جهود المملكة في ترسيخ العقيدة المتزامن مع شتاء جازان ٢٠٢٥م    الحرائق تخرج عن السيطرة في لوس أنجلوس    «الجوازات»: إمكانية تجديد هوية مقيم وتمديد تأشيرة الخروج والعودة للمقيمين خارج السعودية    النيابة العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز حماية التراث الوطني    «الإحصاء»: الإنتاج المحلي من الخضراوات يوفر % 80.6 من الاحتياجات    العراق: حل شامل في سورية لمنع التدخلات الخارجية    أمير الرياض يستقبل سفير جمهورية مصر العربية لدى المملكة    نائب أمير منطقة حائل يتفقّد أعمال مشروع استكمال طريق "حائل - رفحاء" الجديد    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في المنطقة الشرقية    مهرجان "حرفة حائل" يجذب السياح    إطلاق عيادات التمكين لتعزيز الخدمات المقدمة لمستفيدي الضمان    حرس الحدود بجازان يقنذ مواطن تعرض لأزمة صحية في عرض البحر    زلزال بقوة 3ر5 درجات يضرب إثيوبيا    انخفاض اسعار الذهب    الذكاء الاصطناعي ليس عبقرياً    حظر نقل أو نشر تسجيلات كاميرات المراقبة الأمنية    5 أسباب للإصابة بالعصب السابع    هل تعود أحداث الحجْر والهلع من جديد.. بسبب فايروس صيني ؟    «سلمان للإغاثة».. يواصل دعمه للاجئين السوريين في عرسال    «البيئة»: منى تسجّل أعلى كمية أمطار ب 89 مليمتراً    8 ملاعب تحتضن مباريات كأس آسيا 2027    الجنف.. عدو العمود الفقري    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية وتعديل نظام المرور    أمر ملكي بتعيين 81 "مُلازم تحقيق" بالنيابة العامة    نجاح.. شهرة.. ثقافة    خيسوس مدرب الهلال : الفريق الأفضل لم يفز الليلة والنتيجة لم تعكس واقع المباراة    إقامة بطولة أساطير الخليج.. فبراير المقبل    جازان تستضيف النسخة الأولى من معرض الكتاب 2025    جائزة الملك فيصل تعلن الفائزين للعام الحالي    أساس الألقاب في المجتمع السعودي    احسبها صح .. بعيداً عن الفوضى    محتوى الإعلام الدولي.. ومؤتمر سوق العمل !    الأفلام والدخل الوطني    برشلونة يواجه بيلباو في انطلاق كأس السوبر الإسباني    فارياوا يحسم المرحلة الثالثة برالي داكار السعودية.. والراجحي يتراجع    اعتزلت الملاعب    أمير نجران يكرّم قائد الأفواج الأمنية بالمنطقة سابقاً    هيئة الأوقاف تعرّف بخدماتها في تبوك    دعم القطاع الخاص للبحوث والدراسات العلمية    الشرع يفتخر بما فعلته السعودية لمستقبل سوريا    الاتحاد يُقصي الهلال بركلات الترجيح ويتأهل لنصف نهائي كأس الملك    في انطلاق كأس السوبر الإسباني بالجوهرة.. برشلونة في اختبار أتلتيك بيلباو    «تخصصي المدينة المنورة» يحصل على «الآيزو» في إدارة المرافق    نائب أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كونوا مثل غازي القصيبي أو...
نشر في الشرق يوم 23 - 05 - 2012

يغني أبو نورة: أنت ما مثلك بالدنيا بلد.. والله ما مثلك بالدنيا بلد. كمواطن سعودي أدين بولائي لمليكي ولوطني بعد ربي عز وجل، أعتقد أنه صحيح بأن بلدي ليس مثلها أي بلد. فهناك إيجابيات كثيرة تميز بلدي عن غيرها من البلدان. وهناك أيضاً سلبيات تثلبها عند مقارنتها مع البلدان الأخرى، وأتمنى أن تكون قليلة في المستقبل.
من الأمور المميزة في بلدنا، وأترك للقارئ تصنفيها بإيجابية أو سلبية أو كليهما، أن كثيراً من المسؤولين في أجهزتنا التنفيذية يتمتعون بصلاحيات كبيرة. لا تتوقف عند حدود التنفيذ، بل تتعدها إلى تفسير القوانين والأنظمة وأحياناً المشاركة الكبيرة في صياغة مشروعات القرارات الحكومية. الوصف السابق هو وصف محايد يفتقد للروح. لكن إن أردنا أن نعطي للوصف روحاً، فهذا يعني أن كثيراً من المسؤولين في مؤسساتنا الحكومية يدهم تقريباً مطلقة للقيام بكل شيء ولا يغلّها شيء. وهذا يعني بالمفاهيم الإدارية والسياسية الحديثة هو «الشخصنة»، وغياب المأسسة. المؤسسات الحكومية في عهد المأسسة تسير مهما كانت شخصية المدير أو توجهه. ولا تسمح لتوجهات المدير أن تسيطر على عقيدة المؤسسة وأنظمتها، فيكون في الغالب منفذاً وفي حدود دنيا مشرعاً. لكن المؤسسة الحكومية في عهد الشخصنة كالتي في مجتمعنا، تنجح بنجاح المدير وتفشل بفشله. يعني للأسف الشديد وبعبارة أخرى، أنت يا المدير وضميرك!
الشخصنة، رغم أنها عنوان لغياب القانون ودليل على التخبط الإداري وعشوائية القرارات، إلا أنها تعطي أحياناً مساحة كبيرة من التحرك والمرونة للمسؤول الحكومي في دولة كدولتنا تفوق كثيراً المساحة المتوفرة لنظيرها في الدول الديموقراطية المقيدة بأشكال متعددة من الرقابة والمحاسبة.
ورغم أني أنظر إلى سيئات المأسسة أنها بلا شك خير من حسنات الشخصنة، ولو حتى تكلل مع الأخيرة نجاحات كبيرة لكن أحياناً الأوضاع السياسية والاجتماعية لا تسمح إلا للشخصنة أن تكون هي الغالبة على المشهد العام.
يقول غازي القصيبي (رحمه الله) في كتابه «حياة في الإدارة» أن هناك ثلاثة شروط للإداري الناجح، وهي: القدرة على معرفة القرار الصائب. والقدرة على اتخاذ ذلك القرار مهما كانت الصعاب والخسائر، وأخيراً المهارة في تنفيذ ذلك القرار. تُرى لو طبقنا هذه المعايير على المسؤولين من خلال أعمالهم، كم شخصاً يستحق أن نصفه بأنه بالفعل إداري ناجح؟!
كان غازي (رحمه الله) إدارياً ناجحاً بكل المقاييس. استطاع في كل منصب تقلده أن يستفيد إلى أقصى حد مما هو متوفر لديه من أموال وصلاحيات. وزاد بأن استطاع بذكائه الفطري وحسه المهني وفهمه لطبيعة وطريقة صناعة القرار السياسي لدينا بأن يستغل علاقته وقربه من صناع القرار السياسي لتحقيق مطالب تفيد الصالح العام، كما في قصته الرائعة مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز (رحمه الله). يقول غازي في كتابه «حياة في الإدارة»، إنه عندما كان وزيراً للصناعة والكهرباء، كانوا يبحثون عن أرض كبيرة لجعلها منطقة صناعية شاملة. عندما وجدوا الأرض الحكومية المناسبة، وجدوها مملوكة لوزارة الدفاع. عرف غازي (رحمه الله) كما يذكر في كتابه أنه لو طالب بها عن طريق المراسلات الرسمية لانتهت باعتذار مهذب. هنا أتي دور الذكاء والاستفادة من النفوذ، ذهب غازي لزيارة الأمير سلطان (رحمهما الله) في مكتبه. ويقول: «بمجرد أن دخلت المكتب قلت للأمير: (وجهك زين والحمد لله). رد: (الحمد لله!). عندها انطلقت، كالقذيفة، إليه وقبلت أنفه وقلت: (عندي طلب!). قلت: « قل تم! قل تم!». أخذته المفاجأة. كان متعوداً على أساليب كهذه من رجال البادية ولكن لا أعتقد أن وزيراً قبلي أو بعدي لجأ إلى هذا الأسلوب معه. ضحك وقال: «تم!». قلت: «مهما كان الطلب؟» قال: «مهما كان الطلب». قلت: (أريد أرضاً). قال: (لا توجد مشكلة. أين تريدها؟) قلت: (لا أريدها لنفسي) قال: (لمن إذن؟) قلت: (أريدها لإقامة منطقة صناعية جديدة. وأنت خير من يشجع على الصناعة الوطنية)... قال: (وأين الأرض). قلت: (الأرض التي تملكها وزارة الدفاع والطيران بين الخرج والرياض) قال: (كل شيء إلا هذه الأرض. الوزارة تحتاج إلى هذه الأرض). قلت: (لولا معرفتي بأهمية الأرض وبحاجة الوزارة إليها لما هجمت عليك هذا الهجوم وألححت هذا الإلحاح). ابتسم، ووافق». يعلق غازي ويقول: «حصلت وزارة الصناعة والكهرباء، بلا مقابل، على أرض كانت قيمتها تبلغ مئات الملايين من الريالات».
أجعل من هذه القصة معياراً للحكم على نجاح أو فشل المسؤول لدينا في المملكة. فبما أن كثيراً من الأمور لدينا لا تعتمد في حلها أو إتمامها على المنطق أو الإقناع العقلاني، فإن الإداري الناجح في بلدنا خاصة، هو الذي يستطيع أن يستخدم الأساليب التي تتناسب مع الواقع ليخرج بما يريد وفيه فائدة للصالح العام. بعض المسؤولين كما وصفهم غازي في سيرته أذكياء ولكن جبناء. هذا ينطبق برأيي على المسؤولين الذين يوفرون مطالبهم من القيادة العليا لأمورهم الشخصية فقط.
أعلن في ملتقى جدة الأخير حول المشروعات الهندسية المتعثرة في كل مناطق المملكة، بأنه تجاوزت قيمتها تريليون ريال! هذا رقم فلكي للغاية يدل بشكل واضح على أن مؤسساتنا الحكومية بالفعل تشكو من قلة الخيل!
بعد قراءتي لهذا الخبر أدركت أن التأمل بأن يكون جميع مسؤولينا مثل غازي في الذكاء الإداري هو أمر صعب. لذا قد يكون أفضل ما نطمح إليه هو ألا يتعدوا في الصرف حدود المليار ريال في مشروعاتهم المتعثرة. لأن هذا الرقم قد استمرأناه مع مرور الزمن بعد أن كان يصعقنا في الماضي. لكن التريليون بلاشك سيكون صاعقاً لنا لعقود طويلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.