فشلت الأحزاب الإسلامية التي شاركت في الانتخابات الجزائرية الخميس في استثمار «موجة الربيع العربي» التي حملت الإسلاميين إلى سدة الحكم في الدول المجاورة. إذ كشفت النتائج الرسمية التي أعلنتها الحكومة الجزائرية أن الإسلاميين مجتمعين لم يحققوا سوى 66 مقعداً في البرلمان الجديد المؤلف من 462 مقعداً، متأخرين بأشواط كبيرة عن الحزب الفائز في الانتخابات جبهة التحرير الوطني التي فازت ب 220 مقعداً، والتجمع الوطني الديموقراطي الذي نال 68 مقعداً. ولم ينل «تكتل الجزائر الخضراء» الذي ضم ثلاثة أحزاب على رأسها «حركة مجتمع السلم» («إخوان الجزائر»)، سوى 48 مقعداً، ما حطّم آماله بترؤس الحكومة الجديدة. وتبدو الرسالة الأساسية التي كشفتها صناديق الاقتراع أن الجزائر ليست مقبلة على تغيير جوهري، إذ بقيت أحجام الأحزاب والتيارات على حالها، في ظل تمكن الحزبين الحاكمين حالياً، جبهة التحرير والتجمع الوطني الديموقراطي، من المحافظة على غالبيتهما البرلمانية وبالتالي تشكيل الحكومة المقبلة. وليس واضحاً إذا كان ذلك سيعني أن رئاسة الحكومة هذه المرة ستعود إلى الأمين العام لجبهة التحرير عبدالعزيز بلخادم الذي قاد حزبه إلى الفوز، أم أنها ستبقى في عهدة الوزير الأول الحالي أحمد أويحيى الذي حلّ حزبه، التجمع الوطني الديموقراطي، في المرتبة الثانية، كوضعه في البرلمان المنتهية ولايته. وليس واضحاً أيضاً تماماً كيف ستتعامل الأحزاب الإسلامية مع «نكستها» الانتخابية، علماً أنها كانت روّجت خلال الحملة الانتخابية أن فوزها «مضمون» وأن لا شيء سوى التزوير يمكن أن يحول بينها وبين النصر. وكان لافتاً هنا أن عبدالرزاق مقري، مدير الحملة الانتخابية ل «تكتل الجزائر الخضراء»، تحدث عن «تلاعب كبير» في النتائج يمكن أن «يعرّض البلد إلى مخاطر لا نتحمل مسؤوليتها». وأضاف: «إذا اعتُمد هذا التزوير رسمياً، فإننا سنتخذ الاجراءات اللازمة ونحمّل رئيس الجمهورية المسؤولية كاملة»، من دون أو يوضح طبيعة هذه «الإجراءات». وفي هذا الإطار، كان لافتاً أن متحدثاً باسم المراقبين الأجانب (500 مراقب) قال إن الاقتراع مر في شكل سلس عموماً وبدون مخالفات كبيرة. لكن معارضين شككوا في صحة ذلك، وقالوا إن النتائج التي أعلنتها السلطات لنسبة المشاركة في الاقتراع تم «تضخيمها» على الأرجح. وأعلنت السلطات نسبة مشاركة بلغت أكثر من 42 في المئة من مجموع الناخبين، لكن سياسيين معارضين قالوا إنها أدنى من ذلك بكثير. إذ قال محسن بلعباس رئيس التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية الذي قاطع الاقتراع إن نسبة المشاركة تم «تضخيمها»، قائلاً إن السلطات أعدت «طبخة» لرفع نسبة المشاركة. وفي الإطار نفسه، قال الناشط الجزائري المعارض سعد جبار المقيم في بريطانيا إن النسبة الحقيقية للمشاركة في الاقتراع كانت في حدود «نصف النتائج الرسمية» ووضعها في حدود 22 في المئة. وقال إن النتائج تضع الجزائر على «سكة الخطر»، معتبراً أن الأحزاب «التي تقمصت لقب الأحزاب الإسلامية» وشاركت في الاقتراع «خاب ظنها بعدما اكتشفت أن السلطات لن تسمح لها بالوصول إلى الحكم».