من الواضح أن روسيا والصين لا تريدان خسارة نظام دمشق، وبالتالي خسارة سوريا، هكذا أملت عليهم مصالحهم ومخاوفهم. فمن جانب الصين، فمصالحها العالمية اقتصادية بالدرجة الأولى، وهي تعتمد على إيران في الحصول على ربع كمية النفط التي تستوردها من المنطقة، وقد أدت ثورة ليبيا إلى تشريد حوالي 20 ألف عامل صيني. وبالنسبة لروسيا، فإن دمشق حليفة لموسكو في أيام الحرب الباردة، وقد حافظت على علاقتها الودية مع روسيا حتى هذا اليوم. كذلك، يحصل الجيش السوري على الأسلحة الروسية الصنع منذ الستينيات، ويضم مرفأ طرطوس منشأة تستعملها البحرية الروسية. وسيمنعها سقوط الأسد من قاعدتها البحرية في طرطوس، المنفذ الوحيد لها على البحر الأبيض المتوسط. وبعد أن أصبح مصير الأسد معلّقا منذ شهر مارس، فتحت موسكو قنوات التواصل مع المعارضة السورية، ومن خلال استضافة خصوم الأسد في موسكو وإدانة أعمال العنف، ضغط الروس على دمشق للبدء في إصلاحات سياسية، مع أنهم عمدوا إلى إعاقة إصدار إدانة رسمية في مجلس الأمن ضد حملة القمع التي يشنها النظام السوري. اتبعت بكين مقاربة مماثلة، فطالبت دمشق بتطبيق الإصلاحات وعمدت إلى التحاور مع النظام السوري والمعارضة السورية في الوقت نفسه ورفضت دعم العقوبات ضد سورية. لا دخل للإيديولوجيا في العلاقات ويرى المراقبون أنه لا دخل للإيديولوجيات في العلاقة مع نظام دمشق، صحيح أن الصين تعتبر نفسها شيوعية حتى الآن، ولكنها رفضت منذ فترة طويلة العقيدة الماوية حتى في سياستها الخارجية، وتخلت روسيا من جهتها عن الشيوعية منذ عقدين تحديداً، ولا وجود لما يُسمى “النزعة الشيوعية الاستبدادية”، وبالتالي، يمكن اعتبار روسيا والصين في الأساس بلدين براغماتيين. مخاوف من انتشار “التطرف الديني” في القوقاز لا يدرك الصينيون ولا الروس– الذين يملكون إمكانات استخبارية أفضل- ما سيحصل بعد سقوط نظام الأسد. يتخوف كل منهما من حرب طائفية وانتشار “التطرف الديني”. وقد يؤثر أي صراع محلي شامل هناك في الدول المجاورة لها– وعلى رأسها لبنان وإسرائيل- وقد يفرض هذا الوضع تدخل أطراف إقليمية مثل “حزب الله”، وهنا يزداد شعور الروس بالقلق إزاء انتشار “التطرف الديني” في شمال القوقاز وآسيا الوسطى، وينطبق الأمر نفسه على الصينيين. ويرى المحللون أن موسكووبكين، ربما أدركا أن الغرب استغنى عن الأسد نهائياً وبدأ يستعد لتغيير النظام. انطلاقاً من وجهة النظر هذه، تُعتبر العقوبات خطوة جديدة في لعبة تصعيد الوضع، وقد تتبعها إجراءات عقابية أكثر صرامة، وهذا ما أثبتته التجربة الليبية. في حين لا تملك روسيا والصين أي مصالح ملحة تدفعهما للإطاحة بنظام ولا لتبني إستراتيجية المعادية لإيران. روسيا تخشى من طموحات تركيا في جمهورياتها السابقة تبدو موسكو وبيكين، حسب المحللين، مقتنعتين بأن الدول الغربية، ومعها تركيا، لا تبحث في واقع الأمر عن تسوية لوقف حمام الدم أو إصلاحات جوهرية، ولكن تريد إسقاط النظام الحالي واستبداله بنظام إسلامي؟ وتعتقد موسكو، أنه بمجرد فرض هذا البديل، فإنه ستتهيأ الظروف لتركيا (التي ستستضيف قاعدة لنظام الدفاع الصاروخي تابعة للناتو)، وعبر تحالفها مع “حكومة الإسلاميين الجديدة” في سوريا، لزعزعة الاستقرار في روسيا عبر الجمهوريات الإسلامية. والأمر نفسه بالنسبة للصين، والتي تشعر بخطر زعزعة الاستقرار مستقبلاً في إقليم شينجيانغ، الناطق بالتركية، ويسمى أيضا تركستان الشرقية. النظام السوري | تركيا | روسيا | سوريا