كشفت ل«الشرق» مصدر رفيع في مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أن المؤسسة شرعت في ممارسة ضغوط كبيرة على المصارف المحلية من أجل التوسع في إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وقال المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، أن الضغوطات التي بدأت تمارسها «ساما» بعد ما لاحظ مسيرو شؤون المؤسسة تراجع تمويل المصارف المحلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن المؤسسة وهي الجهة المشرفة على النشاط المصرفي أجرت تدقيقا في تمويل البنوك لهذه المنشآت، حيث تبين لها تراجع كبير، إذ بلغ حجم تمويل جميع البنوك المحلية في عام 2010 أكثر من 2.5 مليار ريال، فيما بلغت العام الماضي 1.9 مليار ريال، وهو تراجع يفوق 600 مليون ريال خلال عام واحد، ما اعتبرته المؤسسة مؤشرا خطيرا على تراجع البنوك عن تمويل المنشآت. وبين المصدر أن الضغوطات التي بدأت تمارسها المؤسسة على البنوك تأتي من إيمان المؤسسة بأهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية المتوازنة من خلال قدرتها على توليد فرص عمل للقوى العاملة، إلى جانب إسهامها في تحقيق التكامل الاقتصادي مع الصناعات الكبرى، حيث تمد الأسواق المحلية بما تحتاج إليه من السلع والخدمات وكذلك إمداد الصناعات الكبيرة بما تحتاج إليه من مكونات والأجزاء التي تحتاج إليها في إنتاجها وتقوم بدور المغذي لها، مشيرا إلى أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا زال بحاجة إلى كثير من الرعاية وتوفير البيئة المناسبة لتؤدي دورها المطلوب في الاقتصاد، خاصة في مجال خلق وتوطين الوظائف. وأرجع المصدر عدم توسع البنوك في إقراض المنشآت إلى عدة عوامل، أبرزها افتقاد المصارف للمعلومات الائتمانية لقياس الملاءة المالية وارتفاع تكلفة تقييم الإقراض والتقييم، وارتكاز عوامل إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إدارة المخاطر الائتمانية، وارتفاع أسعار الإقراض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة نتيجة المخاطر الائتمانية المرتفعة، وعدم قدرة كافة الجهات على احتساب إمكانية التعثر. وأمام ذلك، بدأت عدة جهات تمويلية المشاركة في مشروع «تقييم»، وهو مشروع ستطلقه الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة» لتوحيد الجهود لمساعدة هذا القطاع على التغلب على أحد أهم عوائق نموه وهو الحصول على التمويل اللازم، ويرمي المشروع إلى تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وإيجاد أنموذج علمي ليميز جميع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد السعودي، حيث يأتي المشروع كخطوة مهمة في سبيل تشجيع المصارف على تمويل تلك المنشآت بأسلوب علمي ومنهجي يأخذ في الاعتبار درء مخاطر تمويل هذه الشركات، ويساعد المصارف على تنويع محافظها، بحيث يضيف مجالاً آخر إلى مجالات التمويل الرئيسية. ويوفر المشروع الذي سيرى النور قريبا، أنموذجا دقيقا يساعد جهات التمويل على تقييم الملاءة المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما يمكن للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال المشروع الحصول على شهادة تقييم عبر نظام التقييم الائتماني، كما يعمل «تقييم» على تطوير أنموذج تقييم ائتماني خاص لكل مصرف وفق متطلباته الخاصة. ويهدف برنامج كفالة، وهو برنامج حكومي للتغلب على معوقات تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، خلال السنوات العشر الأولى أن يبلغ عدد المنشآت المستفيدة من البرنامج نحو تسعة آلاف منشأة، بتمويل يفوق 3.5 مليار ريال، وإجمالي قيمة الكفالات إلى أكثر من 1.8 مليار ريال. ويتوقع البرنامج أن يصل عدد الوظائف التي سيتم توفيرها إلى نحو37 ألف وظيفة. وبحسب معلومات حديثة حصلت عليها «الشرق»، فإن البنك الأهلي التجاري تصدر البنوك والمصارف المشاركة مع البرنامج من حيث عدد الكفالات التي اعتمدها البرنامج خلال الربع الأول من عام 2012م بنسبة 28 % ، فيما جاء في المرتبة الثانية كل من بنك الرياض والبنك العربي الوطني بنسبة 19% في المائة لكل منهما، ثم مصرف الراجحي بنسبة 16% في المائة، وباقي البنوك الأخرى بنسبة 18%.