قال الناقد الأدبي الدكتور سحمي الهاجري إن أغلب الروايات المحلية التي كتبت بعد عام 2006 تكرار واجترار لما نشر قبلها من أعمال، مشيراً إلى أن الفترة ما بين حرب الخليج الثانية و2006 استوعبت الطفرة الروائية بكامل خصائصها، وهي الكم، وإثارة الأسئلة، وكشف المسكوت عنه، إضافة إلى طرح القضايا الاجتماعية والتعمق فيها. وأوضح الهاجري ل»الشرق» أن رواية عبده خال «ترمي بشرر» كانت خرقاً لهذا التكرار، حيث تميزت بمعمارها الفني، وبنيتها، وليس بمضمونها الذي لقي رفضاً واسعاً، لافتاً إلى أن هذه الرواية تصور واقعاً ميلودرامياً. وحول السبب الذي دعاه إلى اختيار حرب الخليج وعام 1990 كمرحلة فاصلة في الرواية المحلية، يقول الهاجري «هذا التحديد بناء على أنه قبل الحرب كانت الرواية في السعودية تأتي بعد الشعر والقصة القصيرة، واستقرت الأمور على هذا النحو منذ بداية النهضة الحديثة، وحتى ذلك العام». ويضيف «لكن بعد الحرب، وبعد أن طرأت متغيرات جديدة هزت المسلمات والقناعات، وأثارت الأسئلة، وجد بعض الكتاب الفرصة للتعبير عن هذا الواقع الجديد بالجنس الروائي، وأغلب هؤلاء ليسوا من الروائيين التقليديين، مثل غازي القصيبي الذي كتب رواية «شقة الحرية»، مدشناً الحقبة الجديدة للرواية المحلية». ويرى الهاجري أن تتالي الروايات بعد «شقة الحرية» عزز من واقع الطفرة، فظهرت روايات عبده خال، وتركي الحمد، و»الغيمة الرصاصية» لعلي الدميني، و»نبع الرمان» لأحمد الشويخات، و»جاهلية» لليلى الجهني، مؤكداً أن هذه التطورات «جاءت بعد عام 1990، وبالتالي أصبح هذا العام ورواية «شقة الحرية» كأنهما بداية تأسيس جديد للرواية المحلية، وأقول تأسيسا جديدا، لأنها من بعد هذا التاريخ أصبحت هي التي تتصدر المشهد، ويأتي بعدها الشعر والقصة القصيرة». وسبق للهاجري أن ذكر في دراسة له حول الرواية المحلية أن جدلية المتن والتشكيل تنتظمها، وعن ذلك قال «ظهرت هذه الجدلية لأن اهتمام الكتاب بالمتن كان أكثر من اهتمامهم بالشكل، والمتن حسب ما هو موضح في الدراسة يحيل إلى المضامين التي يعيها كتابنا جيداً، ويشعرون بها، ويعانون منها، ولكنهم لا يعرفون تقنيات الكتابة الروائية بذات الدرجة، وبالتالي يطغى المضمون على الشكل لديهم، أو يوجهه دون تخطيط مسبق من الراوي»، مشيراً إلى أن «الجنس الروائي لحسن حظ كتابنا يستوعب مثل هذه الجدلية ويتقبلها». ويعزو الهاجري غياب الرواية البوليسية في الرواية المحلية إلى انعدام البنية القانونية التي يمكن مناظرتها بكتابة رواية بوليسية احترافية، كما هو الحال في الروايات البوليسية في الغرب، نافياً أن تكون رواية «فسوق» لعبده خال رواية بوليسية، فكون ضباط الشرطة من أبطال الرواية لا يعني أن الرواية بوليسية. وأشار الهاجري إلى أن أدب الرواد ينبغي أن لا يستدعى، وإنما يتم الذهاب إليه، وربطه بسياقه، مشيراً إلى أن «في ثقافتنا عيب كبير، وهو سحب النص من زمن بعيد، واعتباره كأنما قيل اليوم، وهذا معرفياً خطأ»، مبيناً أن الرواد لهم قيمة كبيرة ينبغي أن يبنى عليها.