في كل يوم دورة. في كل دورة جنازة تشيع. في كل جنازة مقتلة. بعد ومع كل جنازة مظاهرة. في كل مظاهرة مقتلة. ثم تدور الدورة مظاهرة، فقتل، فجنازة، فقتل، فمظاهرة. (مظاهرة قتل جنازة قتل مظاهرة). إنه موتور يومي ودورة مغلقة يقودها أحمق، سياسي يهيج أعشاش الدبابير كما يقال، أو مجنون يلقي بالبنزين على النار دوما فيزيدها اشتعالا، أو مهووس عصابي مختل عقليا يستهويه منظر الدم مذكرا بمصاص الدماء دراكولا فيقول هل من مزيد؟ إنه من فصيلة السنوريات أليس كذلك؟ بذلك يزيد حقد خصومه عليه وإصرارهم على خلعه والتخلص منه. هل يمكن للطبيب الأعشى في سوريا أن يتابع حكم البلد بعد هذه الأنهار من الدماء؟ والجبال من جماجم الضحايا؟ وقبائل الهرب و النزوح الجماعي من البلد إلى خارجها، ومن ريفها إلى المدن، ومن المدن إلى الريف، يبحثون عن الخلاص من الموت قتلا على يد الشبيحة؟ والرصاص الحي يحكم الميدان!وقع تحت يدي تقرير عجيب من مجلة دير شبيجل الألمانية عن الحلقة الداخلية الدموية من فصيلة السنوريات من عائلة الأسد التي تحكم البلد ماضية به في خطة انتحارية إلى الهاوية، لأكتشف أن من يقود حفلة الدم كما يقول التقرير فريقان متنافسان مختصان بالقسوة المفرطة والعقل المخابراتي (ماهر الأسد والصهر آصف شوكت) ومع أن الأول ضرب الثاني عام 1999م بالرصاص في حفلة سكر وملاسنة، إلا أن الخوف من المستقبل والمشنقة والمخنقة وحدتهما، فهما يقودان حفلة الدم مجتمعين تحت شعار باللغة الإنجليزية إما أن يبقوا سوية أو يشنقوا فرادى (to keep together hanged or to hanged separated). لكن المفاجئ في التقرير أن من يقود الكورس والجوقة الإجرامية هي وجه ناعم غير معروف بالعلن هي أنيسة مخلوف زوجة الأسد الكبير الذي مات عام 2000م مخلفا خلفه ما يذكر بسنان شيخ الحشاشين في الجبل، دولة أمنية مرعبة مثل التنين بخمسة عشر رأسا. إن أنيسة دون أنس تذكر بميدوسا الغرغونية من الأساطير اليونانية. هذه السيدة الناعمة (اللبوة العجوز ) هي التي تقود جوقة السنوريات إلى الصيد والمطاردة مثل عادة عائلة الأسد في الفرائس في استطابة الدم ونهش اللحم. إنها تدافع عن ملك تعب زوجها عليه وأسس مملكة أسدية، فكيف تزول بعد أن أصبحت مزرعة لعائلة الأسد. المشكلة في الطغاة أنهم يعيدون نفس الكلمات ويقعون في نفس دائرة الضلال.