عنبر المطيري تُشعل «وهج القصيد» في أمسية شعرية تحت مظلة الشريك الأدبي    الأمم المتحدة تطلق عملية لانتخاب أمين عام جديد لها    أوكرانيا تفرض عقوبات على 56 سفينة    الصين تحذر من أنها "ستسحق" أي محاولات أجنبية للتدخل في شؤون تايوان    إنقاذ طفل يعاني من انسداد خلقي في المريء بتبوك    تعاون تقني بين توكلنا ومطار الملك سلمان    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة في اجتماع مجلس الدفاع الخليجي    أمير الرياض يستقبل مديري الشرطة ودوريات الأمن    عبدالعزيز بن سعد يُدشِّن خدمات "مدني الحفير"    «غزة الإنسانية» توقف أعمالها بعد منعها توزيع المساعدات    بطل فريق هنكوك السعودية سعيد الموري يشارك في رالي جدة بدعم مجموعة بن شيهون وشركة الوعلان للتجارة    ولي العهد والعاهل الأردني يناقشان التطورات    القيادة تهنئ رئيس مجلس رئاسة البوسنة والهرسك ورئيسة سورينام    التأكيد على أهمية ضمان مسار حقيقي للتوصل إلى حل الدولتين    «التجارة الإيطالية»: المملكة أكبر اقتصاد صاعد.. وشراكاتنا توسّع الصفقات    من ذاكرة الزمن    «حراء».. أصالة التاريخ وروح الحداثة    «الشؤون الإسلامية» تختتم الدورة العلمية لتأهيل الدعاة في كينيا    ذروة استثنائية في المسجد الحرام    ضبط مخالفين لنظام البيئة في القصيم    أمير نجران يثمّن حصول مستشفى الملك خالد على الدرع الذهبي من "ELSO"    المملكة وإيطاليا يوقعان مذكرة تفاهم في المجالات الرياضية    خماسي الريال الغاضب يهدد بإقالة المدرب ألونسو    استعرض فرصهما للشراكات العالمية..الخريف: التقنية والاستدامة ركيزتان أساسيتان للصناعة السعودية    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    علماء: مذنب يقترب من الأرض مطلع يناير    "الداخلية" تسهم في إحباط محاولة تهريب مخدرات    زيارة تاريخية تصنع ملامح مرحلة جديدة    حماس تعلن تسليم جثة أسير إسرائيلي.. نتنياهو يحذر من خرق اتفاق وقف النار    «حقوق الإنسان» تطالب بالتحقيق في استهداف «عين الحلوة»    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    أزمة اللغة بين العامية والفصيحة    المسرح الشبابي    «مركز الموسيقى» يحتفي بإرث فنان العرب    388.1 مليار ريال استثمارات الأجانب    تعزيز تنافسية بيئة الأعمال    إنزاغي: استمرار الفوز هو الأهم بالنسبة لنا.. وليو مبدع معنا    تماشياً مع الأهداف العالمية للصحة والتنمية.. الربيعة: السعودية حريصة على حماية حقوق التوائم الملتصقة    غزال يقتل أمريكية أنقذته    جورجية تفقد النطق بسبب السجائر الإلكترونية    الملحقية الدينية بسفارة المملكة لدى نيجيريا تختتم المسابقة الوطنية لتحفيظ القرآن الكريم وتفسيره    صادرات الثروة الحيوانية تتجاوز 8.4 مليارات ريال    الصادرات غير البترولية تقود نمو التجارة السلعية للمملكة    الهلال يتفنن برباعية على حساب الشرطة العراقي    صامطة تنهي المعاناة بشبكة تصريف للأمطار    اتهامات بانتهاكات واسعة في الفاشر ومساع دبلوماسية لإنهاء الحرب    وزير الرياضة يوقع مذكرة تفاهم مع السيد أنطونيو تاياني للتعاون في المجالات الرياضية بين المملكة وإيطاليا    دعم مشروع القائد ورؤيته التي تعمل على استقرار العالم    الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة والمالية وإقرار إستراتيجية التخصيص    الحقيقة أول الضحايا    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    الشؤون الإسلامية في جازان تُشارك في اليوم العالمي للطفل    اتفاقية صحية لرفع جاهزية بنوك الدم وتوسيع نطاق حملات التبرع    اختفاء نجم من السماء مساء الأمس لمدة 28 ثانية    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    117 دقيقة لأداء العمرة    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفن البحر.. مظلة للجالس على نار الجمر
نشر في الشرق يوم 03 - 05 - 2012

حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي لم يخطر ببال أحد من أهالي مدن الشرقية أن يتوارى البحر عنهم بعيدا، وتختفي من سواحله القريبة أشجار القرم (المنجروف)، التي كانت جزءا مكونا من بحرهم وشواطئه الطينية. لم تكن السباحة في تلك الشواطئ مرغوبة، فتربتها الطينية تجعل من السباحة خطرا وخاصة على الأطفال، مع ما يرافق ذلك من استحمام طيني يصبغ الأجسام بصبغة طبشورية لا يزيلها إلا الاستحمام بمياه عذبة غير متوفرة قرب الساحل. كانت عيون القطيف المنتشرة في قراها، ذات المياه الجارية والعذبة التي تحف بها غابات النخيل ملجأ أطفالها الصيفي للسباحة، تعوضهم عن العوم في سواحلها التي كان الجلوس أمامها وممارسة الصيد (الحداق) يلتهم ساعات النهار الطويلة. وكان الأطفال ينأون بأنفسهم عن الاقتراب من أجزاء الساحل التي كانت أشجار المنجروف تغطيها بكثافة، فلم يكن فيها ما يجذب الأطفال إليها. بينما كان هواة صيد الطيور يجدون متعتهم فيها خلال فصل الشتاء عندما تغمرها الطيور المهاجرة من شمال الأرض بحثا عن الدفء والغداء المتوفر لهم في تلك الحاضنات الخصبة التي بنتها الطبيعة عبر آلاف السنين.
أما اليوم، فلم يبق من تلك الحاضنات إلا صورها القابعة في الذاكرة، وقاطعتها تلك الطيور التي لم تعد تلقى في سواحلنا عشا تبيت فيه، ولا طعاما تلتقطه مناقيرها، كما اختفت منها تلك الكائنات البحرية التي شُنت عليها حروب دمرت ملاجئها وغداءها قبل أن تقضي عليها أو تجبرها على الرحيل إلى بيئة لم تعتد عليها من قبل وأن تكيف نفسها مع طبيعة جديدة وفقيرة كي لا يلحقها الفناء.
لو كان للحيوان لغة يتخاطب بها مع الإنسان، لحاصرنا بسؤال: لماذا تقتلون أنفسكم؟ ولماذا هذا الإصرار على التدمير؟ ولماذا لا تفكرون في الغد وماذا سيحل بسلالتكم؟ هل ستخلقون لهم بحارا جديدة فيها من الخيرات مثل ما كان لأسلافكم؟
لقد دفنا من البحر ملايين الأمتار بأطنان من رمال صحارى تمتد كل يوم، تغزونا، تحاصرنا، تملؤنا غبارا يخنقنا ويخنق أشجارنا التي نرويها بمياه البحر المحلاة، ومع هذا نصر على أننا سندفن البحر،تحت غطاء أن هناك من يمتلك الحكمة والمعرفة ليقرر اختيار البقعة المناسبة لدفنها، «بل خنقها»، وأن البحر بحر يأخد كل ما يرمى فيه، ونسينا أن خليجنا صغير وكل حبة رمل ترمى فيه تشرب ماءه القليل.
وهكذا بدلا من أشجار المنجروف التي اقتلعناها من جذورها الممتدة عبر الزمن السحيق في طين هذه السواحل، أقمنا فوقها هياكل خرسانية، يفترض أن تقينا من لظى شمسنا الحارقة، ولكنها لن تقينا من جمر الأرض الذي زرعته رمال الصحراء في مياه بحرنا الذي حتى هواؤه لم يعد مشبعا بطعم اليود بل بروائح الكربون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.