لجأ سعوديون إلى الهجرة والاستقرار خارج المملكة، بحثا عن الاستقرار وبعيدا عن ذويهم وأبنائهم، وهروبا من مشكلات عائلية أو ظروف اجتماعية مختلفة، لم يجدوا إزاءها إلا قرار التخلي عن علائقهم وارتباطاتهم داخل وطنهم، واختيار الإقامة بعيدا عنها في بلاد الغربة. ووفقا للكتاب السنوي الصادر عن مكتب إحصاءات الهجرة التابع لوزارة الأمن الوطني الأمريكية، بلغ عدد السعوديين المتقدمين للحصول على قانونية وضع الإقامة الدائمة في الولاياتالمتحدة بين عامي 2001 – 2010م نحو 11 ألفا و721 شخصا. مغترب في أمريكا وبين ل«الشرق» السعودي المهاجر إلى أمريكا علي أحمد، أنه سافر بغرض علاج ابنه منذ 25 عاماً، نظرا للفارق الكبير في الخدمات الطبية في ذلك الوقت، فيما ساعده أحد أصدقائه الأمريكيين في الحصول على وظيفة، ما جعله يستمر هو وابنه في الإقامة والاستقرار هناك، مبينا أنه يشعر بصعوبة في العودة إلى المملكة بعد مضي هذه السنوات بالرغم من رغبته في ذلك، إلا أن خوفه من نظرة أبنائه وإخوته له بعد عودته تمنعه من ذلك، كونه تركهم وقت حاجتهم له، حسب قوله، فيما أوضح ابنه شريف ل»الشرق» أنه عانى خلال بحثه عن عمل يؤمن معيشته بعد هجرة والده، حتى استقر حاله على وظيفة عامل في أحد المطاعم، مبينا أنه مازال يواصل دراسته الجامعية، رغبة في تطوير نفسه وشغل وظيفة أخرى. ظروف العمل وأوضحت السعودية المهاجرة إلى المملكة المتحدة أفراح حسين، أنها هاجرت مع زوجها منذ 17 عاما بسبب ظروف عمله، وأنجبت في بلد المهجر ابنتين وولدين، مؤكدة أنها حاولت أن تغرس في نفوسهم منذ الصغر المحبة لوطنهم، كما أنها توصيهم بتعلم لغتهم العربية والتحدث بها، إضافة إلى دفعهم إلى زيارة أقاربهم في المملكة كل عام، وأشارت أن أبناءها تكيفوا مع البيئة التي نشأوا بها ويفضلون البقاء فيها. وذكرت المواطنة فتحية سعيد (24 عاما) التي هاجر والدها إلى أمريكا قبل ولادتها، أنها لا تكن له أي مشاعر، وتعد نفسها يتيمة الأب، كونها لم تنشأ في كنفه، فهي ترى في أمها كل أسرتها، مبينة أن والدها تزوج من أجنبية في مهجره، وأنجب منها أطفالا ولا يريد العودة إلى المملكة. الانبهار أحد الأسباب فيصل العجيان وأرجع الاختصاصي النفسي فيصل العجيان أسباب هجرة السعوديين واستقرارهم خارج بلادهم إلى حالة نفسية تسمى «الانبهار»، منوها إلى أنها ترافق الشخص المهاجر في مراحل متقدمة من الهجرة، حيث يبدأ بمقارنة النموذج العربي بالغربي من جميع النواحي، وأضاف العجيان «يقوم الشخص بعد هذا الانبهار بإلصاق جميع السلبيات في بلاده، بينما ينسب الإيجابيات إلى البلد المنفتح أو المتقدم الذي هاجر إليه. وأوضح العجيان أن المهاجر يمر بعد ذلك بمرحلة ثانية تسمى «الاشتياق» أو «الفقد»، حيث يبدأ باسترجاع عاداته القديمة، خصوصا إن كان لم يحقق في المرحلة الأولى أي إنجازات تنسب إليه، الأمر الذي يدفعه إلى إعادة النظر في قرار هجرته. محاولة للعودة ويرى الاختصاصي الاجتماعي صلاح مطر أن أغلب السعوديين المهاجرين لا يتخذون قرار هجرتهم إلا إلى دول يرون فيها نماذج مختلفة من التقدم العلمي أو الانفتاح الثقافي والاجتماعي، وأضاف «بعد مضي سنوات عليهم في الغربة، يفتقد المهاجر منهم ما لا يمكن أن يراه في الدولة الأجنبية، فيحاول العودة إلى بلاده، ولا يشكل له الأمر عائقا مادام على علاقة وطيدة بأسرته، خصوصا أن الدولة التي سيعود إليها هي مسقط رأسه. من جهته، أوضح ل«الشرق» المتحدث الرسمي في وزارة الخارجية السعودية أسامة النقلي، أن الدراسة المعلنة التي شملت أرقام أعداد المهاجرين السعوديين أعدت في واشنطن، مشيرا أن الخارجية لا تستطيع الجزم بتلك الأرقام، وأنها غير متأكدة من موثوقيتها. المهاجرون إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 2010م (جرافيك الشرق)