بلغته الأبوية العفوية جداً قالها، وبلا تردد مخاطباً مسؤولي الجامعات «مكاتبكم لا تحطون عليها بواب ولا تسكرون أمام الشعب لأنكم أنتم ونحن خدّام لهذا الشعب ولهذا الوطن وقبل كل شي لديننا». وبتحليل مضمون هذا الخطاب الأبوي؛ يمكن استنطاقه بأنه ليس خطاباً مقيّداً بمسؤولي الجامعات فحسب؛ بل مطلق لكل مسؤول في هذه البلاد. وحين يتحدث قائد سياسي بوزن خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، بلهجة كهذه اللهجة، وفي مناسبة مثل مناسبة تدشينه -حفظه الله- المرحلة الأولى لمشروع المدن الجامعية؛ فإن المغزى يتركز في «المقام» و«المقال» معاً. فالمقام تدشين مؤسسات لبناء العقول، والمقال يُخاطب القائمين على بناء العقول، وهنا تأتي الكلمة الواضحة «أنتم ونحن خُدّام لهذا الشعب»، مؤكدة سياسة «الباب المفتوح» الذي انتهجته قيادة هذا البلد منذ عهد المؤسس، طيّب الله ثراه. اختار المليك مناسبة تدشين المدن الجامعية ليعيد التأكيد، ويذكر الجميع بهذه السياسة، مطالباً كلّ مسؤول أن يتحمّل مسؤولياته بكامل حذافيرها المطلوبة للامتثال لهذه السياسة الخيّرة. إنها سياسة أن يكون المسؤول «خادماً» والشعب «مخدوماً»، وبصيغة «أنتم ونحن»، بلا تمييز بين حاكم ومحكوم، وقائد ومقود. ولطالما حلّت سياسة الباب المفتوح معضلات معقدة، وأنهت خلافات صعبة، وذللت صعاباً شائكة، واختصرت مراحل من الإجراءات البيروقراطية المتداخلة. وعلى هذا النحو من الأداء والتعاطي الإداريّ؛ شدّد خادم الحرمين أمام الجميع على صيغة ناجحة في إدارة شؤون الناس، وهي صيغة تزيح حواجز الحُجّاب من أبواب المسؤولين، وتختصر مسافات التواصل والتحاور والمرافعات الإدارية. وفي موقع مؤسسة بأهمية «المدن الجامعية» يجري تشديد ذلك والتركيز عليه. هذا كله يعني أن المسؤولين ليسوا معذورين في تطبيق سياسة مختلفة، ليسوا على صواب حين يحتاج المواطن إلى أسابيع حتى يدخل على أحدهم، ولا معنى للإجراءات إن لم تخفف المعاناة وتقلل المراجعات. ويعني أيضاً أن على المسؤولين، كبيرهم وصغيرهم، أن يتخذوا التدابير العملية التي لا تُعيق وصول الناس إليهم فحسب؛ بل والتدابير الإجرائية التي تطوّع التقنية في ضبط وتقنين سير المعاملات والإجراءات. إذ إن سياسة الباب المفتوح تنطلق من فلسفة تحسين الخدمة وتطويرها، ولا تقتصر على تخصيص أوقات استقبال المراجعين من قبل المسؤولين. سياسة الباب المفتوح توضح ما ليس واضحاً وتشرح ما ليس مشروحاً، وتعمل على استهداف المواطن والمقيم ليكون محطّ الاهتمام الأول والأخير للمؤسسة الحكومية في المقام الأول.