انطلقت أولى جلسات ملتقى النقد الأدبي الرابع، الذي ينظمه النادي الأدبي بالرياض، تحت عنوان “الشعر السعودي في الخطاب النقدي العربي” صباح أمس بمشاركة مجموعة أدباء ونقاد وباحثين. وأتاح القائمون على الملتقى مساحة لنقد النقد عن طريق تخصيص معقب لكل جلسة يتناول نقد الباحثين بالنقد، وهو ما وجد قبولاً عند الحضور والمشاركين، وأضفى على جلسات الملتقى حيوية وسخونة وإثارة. وقدم المشاركون الجلسة الأولى، التي أدارها الدكتور محمد اللعبون، ثلاثة أبحاث، هي: “اتجاهات النقاد العرب في دراسة الأدب السعودي” للدكتور حسن الهويمل، و”الشعر السعودي في دراسات الدكتور بدوي طبانة” للدكتور محمد الربيع، و”تجربة محمد الثبيتي في النقد العربي” للدكتور عالي القرشي، الذي تخلف عن الحضور بسبب وفاة والدته، رحمها الله، وألقى ورقته بالنيابة عنه الدكتور إبراهيم المطوع، وعقب على الجلسة الدكتور محمد البقاعي. كما طُرح في الجلسة الثانية، التي أدارها الدكتور ناصر السعيدي، ثلاثة أبحاث هي: “النقد النسوي العربي والشعرية السعودية، الناقدة أسماء أبو بكر أنموذجاً” للدكتور يوسف العارف، و”جهود النقاد العرب في نقد الأدب السعودي، كاميليا عبد الفتاح أنموذجاً”، للدكتور عبد الحميد الحسامي، و”في دراسة قصيدة المرأة في المملكة العربية السعودية لراشد عيسى منهج ورؤى” للباحثة نجلاء مطري، وعقب على الأبحاث المشاركة الدكتور عمر السيف. وشهدت الجلستان نقداً حاداً من المعقبين الدكتور محمد خير البقاعي والدكتور عمر السيف. إطراء في النقد وفي تعليقه على الورقة البحثية “الشعر السعودي في دراسات الدكتور بدوي طبانة”، اعتبر البقاعي أن حشد أكثر من شاعر في دراسة واحدة يتحكم في الباحث ويخنقه فيستسلم للدراسة الاستعراضية التي تتناول الصفحة العلوية لبنية النص أو تتجافى عنه ولا تتعرض للعمق، مضيفا أن الندوة هي استمرار لمن اقتبستم منه هذا الكلام. وقال البقاعي إنه يأمل ألا يتعود نقاد الأدب السعودي من سعوديين وغيرهم على المدح والإطراء، كما وجدنا نفراً من الأدباء يعتادون على نقد متلفع برداء الإطراء والملاق، مشيراً إلى أنه كان يتمنى أن “يقول الأساتذة الكرام: أن نقد العرب شعرنا لم يسهم في تطوير هذا الشعر، ولا في وضع أسس واضحة في نقد هذا الشعر تقوم على ما يقوم عليه الخطاب النقدي من تماسك في المضمون ودقة في المصطلح وصرامة في المنهج، فطبانة الكبير في دراسته عن النقد التراثي تحول إلى مؤرخ نقد أو ناثر للشعر في أحسن الأحوال، ونذير العظمة يشرق ويغرب في مقالات صحفية جمعت في كتاب ليأتي نقدها مزيجاً من الرؤية الأسطورية التي تنطبق على الشعر العربي على وجه العموم”، مضيفاً أن القرشي لو فكر “في إجراء مقارنة بين نقد النص نفسه لدى الشنطي والعظمة، لظهر له العجب العجاب”. ورأى البقاعي أن الدكتور حسن الهويمل استخدم لفظي الاتجاهات والمناهج دون أن يميز بينهما، مشيراً إلى أنه لا يوجد منهج نقد أدبي، بل إن هناك إجراءات واتجاهات، وليس هناك سوى منهج واحد هو منهج العلوم الإنسانية. وانتقد البقاعي عدم تحكيم الأبحاث معتبراً أن أغلب هذا النقد يندرج تحت النقد الصحفي، يستهلك للحظته، “كنت أتمنى أن نأتي إلى هنا وفي ذهننا الانتقال إلى مرحلة الخطاب النقدي في القرن العشرين”، وأضاف “لكنني أقف في النهاية لأردد ما قاله الزميل عبد الله الحيدري: “اعتذر لأساتذتي الكرام على هذا التطفل على مؤلفاتهم، وأشدد على أهمية التحكيم العلمي لأي بحث أو كتاب، فمن خلال التحكيم يمكن تدارك الكثير من الأخطاء”، موضحاً أنه لا يدري على من يضع وزره، على اللجنة التي أرسلت إليه بحوثا مليئة بالأخطاء الإملائية، أم على التقنية التي حرمته من استعراض هذه الأخطاء، موضحاً أنه لم يتوقع صدور مثل هذه الأخطاء من أساتذة له و”قامات بهذا الطول”. من جانبه، قال الهويمل معلقاً على نقد البقاعي بأن الدكتور يلجأ إلى التعميم والانفعال، فيما طالبه الدكتور محمد الربيّع، بأن “يفرمل” قليلاً ويكون أكثر هدوءاً في توجيه النقد، لكن الدكتور يوسف العارف، فأشاد بعدم مجاملة البقاعي وإتاحة اللجنة المنظمة للتعقيب على النقد على هذا النحو الجديد. بعد عن المنهجية ولم تكن الجلسة الثانية بأقل سخونة عن سابقتها، إذ أن الدكتور عمر السيف افتتح تعقيبه مداعباً الحضور بقوله: “أخشى بعد هذا التعقيب ألا يصافحني إلا الدكتور البقاعي”، وبدأ سرد تعقيبه “للأسف، أصبح النقد مجرد نقد نصي سطحي بعيد عن المنهجية العلمية”، مشيراً إلى أن نقد النقد فعل محرج، لأن الملتقيات أصبحت أماكن لتبادل المديح والإطراء بدلاً من المثقافة. وفي مداخلة للدكتور حسين المناصرة، قال: ما سمعته من الدكتور يوسف العارف لا يمت للنقد النسوي بصلة، وأنا أحد المتخصصين في هذا المجال، وعليه أن يراجع نفسه. وأجابه العارف أنه يقصد بالنقد النسوي ما توجهه المرأة من نقد لغيرها. وهو ما رفضه المناصرة، حيث اعتبر أن هذا التعريف غير صحيح إطلاقا، لأن الصراع الأيدلوجي هو الأساس في النقد النسوي، وقد يكتب الرجل نقداً نسوياً. بدوره اعتبر الدكتور محمود عمار تعقيب البقاعي والسيف ليس من نقد النقد، لكنه يندرج تحت نقد نقد النقد. جانب من جلسات المؤتمر في الفترة الصباحية (الشرق) الرياض | الشرق