حين تبدأ أصابع الليل في تمشيط جدائل الظلام استعداداً لفجر جديد، ويتمدد الرجال في مثواهم قبل الأخير، (وغالباً ما يكون سرير الزوجية)، يشتعل ألف سؤال وسؤال لا ينطفئ إلا حين «ترى البحار مسبحك، والزهور زجاجة عطرك»، ولو لم ينطفئ، قد تقول في سرّك: (مازلتُ أخْلِصُها كسبي فتأكلُه، دوني ودون عيالي ثم تضطجع)، بلا يخمّك أيتها البعلة! هبْ أن «بعلتك» مستوظفة وتكسب مثلك، ألن تسأل: «عليك الله الزولة الراقدة جنبي دي زي (توت عنخ آمون)، في داعي تشتغل ليها دوام كامل في الوظيفة وتجي ترقد كدة زي المومياء»؟! قال الراوي الذي لم يتعاط قط في حياته حبوب منع «الليبرالية» وليس مهماً أن تصدقه، قال إن بعض صنوف الرجال يلعنون شيوع التعليم في مجتمعاتهم ثلاث مرّات عقب كل وجبة، لأنه كان وبالاً على الحريم، فتّق في عيونهم الوظائف والكسب وتجلية الدنانير وحبْسِها في البنوك والترفّع عن خدمة بعولتهن. انظر رعاك الله، وأصلح عيالك (والكلام للراوي طبعاً)، أن لهاث الزوجات خلف الوظائف فيه فساد وضلال كبيران، تفكّكت الأسر بغيابهن وتحلّل الأطفال في حمض الأقارب والأباعد. في ذّمتك، كيف تنجو الموظفة من ذوات الثدي من مخالب زواحف الذكور المرتبكين جينياً ولو كانت المستهدفة: (فوهاءُ شوْهاءُ يُبدي الكيد مضحكُها/ قنْواءُ بالعرض والعينانِ بالطّولِ)؟! ألا تعلم يا هداك الله، أن ترقي الإناث في سلالم الوظيفة ونيلهن أطايب الحوافز يتوقف على فيضان منسوب حنانهن لأعلى من مستوى سطح مدير المكتب الذي يقضي سحابة ذكورته يلهث ثرى الرعابيب ويمطرهن بالثناء طمعاً في الفوز بهدف من تسلل؟!