ما أن “استتب” الأمر، نسبياً، لصالح الحكومة الموالية لروسيا في الشيشان بقيادة رمضان قاديروف، حتى انتقل ما تبقى من المقاتلين الشيشان إلى الجمهوريات المجاورة، وتشكلت هناك “إمارة القوقاز الإسلامية”، لتؤشر على تحولات داخل الجمهوريات المجاورة للشيشان كداغستان، وأنغوشيتيا، والجمهوريات الشركسية كقبردين-بلقار، وأديغيه، وتشركسيا. وهي كلها جمهوريات شمال القوقاز بالإضافة إلى أوسيتيا الشمالية. ولكن هذا الهدوء “النسبي” ما لبث أن اتخذ شكلاً جديداً وأوسع للمقاتلين الشيشانيين. ال بي بي سي 4 بثت تقريراً إذاعياً عن جمهورية داغستان، وخلص إلى أن داغستان تتحول إلى أخطر بقعة في أوروبا وروسيا، وهي أخطر من الشيشان المجاورة التي شهدت حربين كبيرتين خلال عقد واحد. ووجد تقرير ال بي بي سي إلى أن هناك تحول نحو الأفكار الراديكالية الإسلامية، والسلفية-الجهادية في تلك الجمهورية، وأنها – داغستان- تشهد تفجيرات بمعدل يومي. بي بي سي: تفجيرات بمعدل يومي في داغستان بي بي سي: تفجيرات بمعدل يومي في داغستان ووصف التقرير الوضع بدقة، ولكنه لم يشر إلى أن داغستان لوحدها في شمال القوقاز، بل أن الإقليم كله تحول إلى تلك المنطقة الخطرة. داغستان فيها نحو 31 قومية وما يزيد على ال 81 لغة، والإسلام الذي كان صوفياً بطبعه، لعب دور الموحد بين هذه القوميات، وبحكم فشل السياسات الروسية، وقمع الحكومة المحلية للحياة السياسية العامة، ووجود معدلات عالية من الفساد والبطالة، والفقر، إضافة إلى أن إيديولوجية توحيد شمال القوقاز تحت “راية إسلامية”، وباتت إيديولوجية إمارة القوقاز الإسلامية تلقى صدى بين أوساط الشبان منذ انتهاء الحرب الشيشانية التي أحيت تلك المشاعر التوحيدية للإقليم، ولكن داغستان لم تتحرك خلال حربي الشيشان. االوضع الداغستاني هذا هو ما يمكن أن يقال أيضاً على الجمهوريات الشمال قوقازية الأخرى، وإن اختلفت طبيعتها الديمغرافية بشكل أو أخر، فعلى سبيل المثال منذ عام 2006 برزت كل من “انغوشيتيا” و”داغستان” كبقعتي تهديد مع عدد متزايد من الهجمات بخاصة الانتحارية منها، وشكلتا مصدر الهجمات التي تقوم بها “إمارة القوقاز الإسلامية”، ولكن منذ بدايات عام 2011 انضمت إليهما “قبردين – بلقار”، والتي باتت توصف بأنها من أخطر الأماكن في شمال القوقاز، حيث ارتفعت الهجمات فيها مع بداية عام 2011 من أربعة إلى خمسة أضعاف عما كانت عليه من قبل. من الواجب الإشارة إلى أن داغستان هذه كانت تاريخياً أحد أهم المراكز الحضارية في التاريخ الإسلامي، وما زالت تحتوي على أوسع مجموعة من المخطوطات الإسلامية، وأفرزت علماء أثروا الحضارة الإسلامية، ولكن مع بساطة السياسات الروسية أحالتها إلى “أخطر بقعة في أوروبا”.