لو كانت هناك براءة اختراع أو تصنيف دولي في ابتكار الشماعات التي نعلق عليها الأخطاء لما سبقنا أحد إلى ذلك ولدخلنا موسوعة جينيس جنبا إلى جنب مع أكبر طبق كبسة وأعمق خفسة في صحن عصيدة وأكثر عدد حفر في الشوارع، وإذا كان الإخوة المصريون هم الذين «دهنوا الهوا دوكو» فنحن الذين اخترعنا شماعة عدم الوعي لنعلق عليها أخطاءنا وتقصيرنا وننتزع مبالغ لتوعية المواطنين والمقيمين والمعتمرين والزائرين والنظاميين والمخالفين، وابتكرنا شماعة رمي الأخطاء على الآخرين بدءا من عبارة الغلط على المرحوم ومرورا بالعين والسحر وانتهاء بالجني الذي يختطف الفتيات ويوسوس للفاسدين بالاختلاس، غير أن أحدث شماعة مبتكرة أعجبتني هي سرقة الكيابل، فهناك قطارات جديدة وسريعة تم تشغيلها بين الرياض والدمام بعد قطارات شرق آسيا وأوروبا، وبعد أن كنا نغني «أسرع من البوينق يا لابس الطرحة» صرنا نغني أسرع من الجميع يا راكب الطلقة، لكن سراق الكيابل عليهم من الله مايستحقون أفسدوا علينا الأغنية بسرقة الكيابل التابعة للمؤسسة المدفونة في باطن الأرض وتسببت في الخلل والإرباك التي صاحبت حركة القطارات السريعة وأدت إلى تعطلها بعد شهر من تشغيلها، ولأن كيابل القطارات مصنوعة من النحاس «عيار 24 قيراط» استهدفها اللصوص وتركوا بقية الكيابل «عيار ثمانية قيراط» التابعة للكهرباء والاتصالات، وقد تفاجأت الشركة الإسبانية بلصوص الكيابل لأنها صممت الشبكة لسويسرا وليس لبنجلاديش، ومع ذلك قامت المؤسسة بواجبها كاملا في وضع نظام مراقبة لا يخر الماء على الخط الحديدي بالكامل يعمل بالتحسس والتلمس والتجسس والتعسس ويتصل بغرفة مراقبة مركزية تعمل على مدار 24 ساعة بعيون مبحلقة وآذان صاغية، لكن لصوص الكيابل قاتلهم الله أنى يؤفكون استخدموا أجهزة متطورة لسرقة الكيابل من طبقات الأرض السفلى تفوق أجهزة ناسا التي تستكشف المياه في أعماق المريخ، وعرفت أن سبب تأخر تنفيذ شبكة القطارات لدينا هو مخاطر سرقة الكيابل وليس مقولة أن المال السائب يعلم السرقة.