كلنا نعرف حديث ذلك الشاب الذي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا فأجابه من خلال سؤاله هل ترضاه لأمك؟ هل ترضاه لأختك؟ لخالتك؟ لعمتك؟ ليحمله بعد ذلك على القناعة التامة والقطعية بأن هذا شيء مناف للفضيلة ولا يرضاه الناس لأهاليهم كما لا يرضاه لأهله. وهذه القاعدة التي غدت وسيلة تربوية نستفيد منها في تعديل السلوك والمفاهيم، عبر ما يعرف في علم النفس بالعلاج المعرفي السلوكي، قاعدة تشمل جميع جوانب حياتنا الاجتماعية. وحينما يقوم مسؤول بالإعلان عن شركات تخطط لتشغيل السعوديات عاملات منزليات، برواتب يومية وشهرية، ثم يجادل عن جدوى توظيف المرأة السعودية، فهو محتاج لجلسة تعديل سلوك، باستخدام تلك الطريقة النبوية لتعديل سلوك هذا المسؤول الذي يرى أنه لا مانع لديه من أن تشتغل السعودية خادمة في البيوت على أن تلتزم الشركات المشغلة لها بتأمين حد أدنى للرواتب! فنسأل هذا المسؤول: هل ترضاه لأمك؟ هل ترضاه لابنتك؟ هل ترضاه لأختك؟ لخالتك؟ لعمتك؟ وما الذي يجبر المرأة أساساً على إهمال بيتها لترتب وتنظف بيوت الآخرين مقابل راتب سيذهب أكثر من نصفه في المواصلات؟! مع أن إعانات بسيطة من الدولة، وتسهيلات لا تكاد تذكر من التجار، يمكن أن تبقي هذه المرأة في بيتها مكرمة دون ذل الحاجة لأحد. وقد ذكرت بعض الدراسات أن أموال الزكاة وحدها يمكن أن تقضي على جميع مظاهر الفقر في المجتمع. فكيف لو أضفت إليها تلك المليارات التي تغص بها الميزانية. ونظرة إلى أنظمة الضمان الاجتماعي تؤكد لنا أنه يجب تعديل تلك الأنظمة بما يتوافق مع ديننا وعاداتنا وحاجاتنا والمتطلبات العصرية التي نعيشها اليوم، وليس فضلاً من أحد أن تعطى أموال الضمان الاجتماعي لمستحقيها، بل هو حق لهم، لا يجوز لأحد أن يماطل أو يجادل فيه، وهذه من أهم أولويات بيت مال المسلمين، وهي أولوية قبل كثير من البنود التي تستهلك جزءاً كبيراً منه، كما أنّ هذا يُعدّ صمام أمان للمجتمع من الناحية الدينية والدنيوية. أيها المسؤول الكريم، إذا كنت حقاً تريد حلاً لمشكلة بطالة النساء، هنالك عشرات الحلول التي تغني بناتنا عن العمل في بيوت الآخرين. فقط فتش عن بعضها، وقبل أن تعلنها اسأل نفسك هل ترضاه لأمك؟ ولا تجعل حاجات الضعيفات والفقيرات سلماً لك لتركب موجة إخراج المرأة من بيتها فإن ذلك ليس من فعل الكرام. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم» فأكرموهن يكرمكم الله.