حدث لحسن حظي أن صادف تواجدي في مدينة جلاسكو الاسكتلندية شهر مارس (آذار) الماضي اسبوع التوعية بالإسلام ، والذي يُقام سنويًا برعاية رابطة الطلبة المسلمين في جامعة جلاسكو ثالث أكبر المدن البريطانية من حيث السكان. يهدف هذا الأسبوع إلى مسح الصورة النمطية وتعديل المفاهيم الخاطئة عن الإسلام عن طريق عقد الندوات وعرض بعض الأفلام الهادفة. حرصت على حضور ندوة تناقش الحوار بين الأديان السماوية الثلاث، توسط طاولة النقاش في الندوة (داوود دنكن) رئيس رابطة الطلبة المسلمين، وعلى يساره جلس (جوناثان) ممثلًا عن إحدى المنظمات المسيحية، وانضم للرجلين (نيكولاس) رئيس رابطة الطلبة اليهود. وها أنا ذا في غرفة واحدة مع يهودي يرتدي (الكيباه)، وقد نبت في رأسي قرنان! دار النقاش عن نقاط تشابه واختلاف الأديان السماوية وهي لا تخفى على أي باحث أو مهتم. غير أن محور التحديات التي تواجهها الأديان الإبراهيمية في بريطانيا كان من وجهة نظري المحور الأهم في الندوة والأكثر اطلاقًا لتفكيري. اتفق جوناثان ونيكولاس على أن الإلحاد يشكل الخطر الأكبر على المسيحية واليهودية، وبما أن اليهودية ليست دينًا تبشيريًا أي لا تسعى إلى استقطاب مؤمنين جدد بها فإن اليهود يعتبرون الإلحاد أمرًا يشكل تهديدًا حقيقيًا عليهم. وبالرغم من أن المسيحيين يعتبرون التبشير والدعوة من الأساسيات العقائدية لديهم، غير أن نسبة الإلحاد واللاأدرية مجتمعتَيْن وصلت بحسب بعض الإحصائيات في بريطانيا إلى 44%. عندما أتى دور داوود ليشرح أهم التحديات التي يواجهها الإسلام قال ثلاثة جُمل ذهبية: الإسلاموفوبيا هي ما يخيفنا، وقد بانت ظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين واضحة كنتيجة لراديكالية بعض المسلمين، الذين قد يوصلنا تطرفهم في يوم من الأيام إلى أن نخشى على الإسلام ما يخشاه المسيحيون واليهود اليوم.. الإلحاد! قالها داوود فتذكرت بحُزنٍ الكثير. على الجانب الآخر، فإن الهدف المنشود من حوار الأديان هذا لم تبلغه مجموعة من الحقائق المطروحة فيه بقدر ما عززته أجواء السلام والاحترام بين المتحدثين والحضور من كافة الديانات. وكان لاشتراك نيكولاس اليهودي مع داوود المسلم في دحض بعض الشبهات حول الإسلام والتي حاول أحد الحضور إثارتها أكثر من مرة بالغ الأثر في اخفاء كل أمارات التحفّز ضده من فوق رأسي!