مع التحول المادي والنمو الاقتصادي في كثير من الدول، جاء التركيز على بناء الوطن، وتطوير منشآته، لكن كثيراً من الدول لم تركز في ذات الوقت على تنمية الأفراد ورفع كفاءتهم. وبسبب عوامل اجتماعية، يصبح الحديث عن تنمية المرأة أكثر إلحاحاً، نظراً لحاجتها إلى فعل مجتمعي أقوى. والدولة تخضع لظروف وضغوط مجتمعية ربما لا تتيح لها العمل على دعم أكبر لحضور المرأة في المجتمع، وجعلها فاعلة ومؤثرة ومعطاءة. وهنا يأتي دور المؤسسات المجتمعية، التي غالباً ما تكون الأقوى تأثيراً، والأقدر على التحرك بين جنبات المجتمع وفئاته. صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتنمية المرأة في المنطقة الشرقية، إحدى المؤسسات المجتمعية التي تلعب دوراً ريادياً وقيادياً في حضور أقوى للمرأة. لقد نجح الصندوق خلال سنوات قليلة في تحقيق منجز مؤثر على مستوى المرأة والمجتمع بعامة. إذا كانت رؤية الصندوق تتمثل في “تمكين المرأة السعودية من الإسهام في التنمية الوطنية الشاملة”، فإن رسالته تقوم على تعزيز دور المرأة في التنمية المستدامة. كثيرة هي الوسائل التي يمكن أن تلعب دوراً مؤثراً في تعزيز دور المرأة. ولذا فإن الصندوق يتكئ حالياً على ثلاثة مراكز تعينه في تحقيق أهدافه، وأجزم أن لديه الكثير من الرؤى لمراكز أخرى مستقبلية. أول هذه المراكز، مركز دعم وتمويل المشروعات، ويتمثل في طرح الأفكار التجارية، ومساعدة المرأة مادياً ومعنوياً للاعتماد على نفسها والدخول إلى عالم الإنتاج عبر مشروعات تجارية. ونجح الصندوق في تمويل أكثر من أربعين مشروعاً خلال السنوات الأربع، حقق معظمها نجاحاً متميزاً، ونمواً اقتصادياً مؤثراً. ونجح في توظيف المئات من بنات الوطن. أما المركز الثاني فهو مخصص لدراسات وأبحاث المرأة، بصفة ذلك الأساس العلمي الذي ينطلق منه الصندوق لأي رؤية مستقبلية تطويرية تتصل بالمرأة. أما المركز الثالث فهو معني بإعداد القيادات النسائية الشابة. وهذا أمر حيوي، فالمرأة ليست جزءاً مسانداً في التنمية المجتمعية فحسب، بل إنها مشارك أساسي في القيادة والتخطيط والعمل الميداني، من أجل تحقيق تنمية مجتمعية مستدامة قوامها العنصران الأساسان المرأة والرجل. وإذا كان المركز يحظى برعاية سمو أمير المنطقة الشرقية، فإنه قد نجح في بناء جهاز تنظيمي يتيح له تحقيق طموح الداعمين له من الشركات والمؤسسات، التي لا تكتفي بالدعم المالي، وإنما غدت، عبر مجلس إدارة الصندوق، مشاركة في اتخاذ القرار والتوجيه، لتمكين الصندوق من تحقيق أهدافه. أمين عام الصندوق الأستاذ حسن الجاسر، يؤكد أن الجهد الأكبر في الصندوق تقوم بها الأخوات، وعلى رأسهنّ نائب الأمين العام الأستاذة هناء الزهير المناضلة داخلياً وخارجياً من أجل دور أقوى للمرأة، ومساندة من المدير التنفيذي الأستاذة مروة عبدالجواد، إلى جانب فريق متعاضد متكامل آمن بدوره، وأخلص بعمله، فحقق الكثير، ويطمح للمزيد. المركز تجربة ناجحة تستحق أن تصل إلى مناطق أخرى، لتحقيق حضور أكثر تأثيراً للمرأة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وهو أنموذج لمؤسسات المجتمع المدني، التي يجدر بها أن تجد مزيداً من العون والتشجيع، لمساندة الدور الحكومي.