الحرب جريمة وإفلاس أخلاقي وجنون. والتسلح ورطة ألعن من جاذبية الجبن المعفن في مصيدة الجرذ وهو يلتهمها فتقطع رقبته. والتسلح أولها متعة وحماس ووسطها دماء وآخرها ندم حيث لا ينفع الندم. الحرب يمكن أن يبدأها من يريد، ولكن خاتمتها ليست بيد من بدأها، بل بيد من يمول السلاح ويصنعه ويطوره. وفي حرب العراق وإيران كانت ثلاثون دولة تمول الحرب حتى مات مليون شاب، وأنفقت ثروات المنطقة بما فاق تريليون دولار، وهو رقم كافٍ لنهضة قارة من عشرات الدول من العدم. جرب البشر الحرب وكان منها منفعة قبل أن يطلقوها ثلاثاً لا رجعة فيها ولو تزوجت بآخر. كان ذلك مع الوصول إلى سقف القوة فعرف أساطين الحرب أنها جهنم التي تأكل الجميع وتقول هل من مزيد. ومنه عقل الغرب وأصبح راشداً يحل مشكلاته بطريقة سلمية وبالحوار. أما عندنا فمازال الديكتاتوريون الترانزستور يرون أنها سيد الحلول. ألا ساء ما يفقهون. ومنه نبعت الحكمة في الشعر العربي وهي تصف الحرب أن بدايتها عروس جميلة ونهايتها عجوز قبيحة مكروهة للشم والتقبيل. في الفلسفة اليونانية يعدّ هرقليطس أشهر من نظر للحرب فاعتبرها أبا وأم التاريخ، تذهب بأمم إلى العبودية وأخرى إلى السيادة، قبل أن يصل الجنس البشري إلى الحقيقة التي تقرر أن الحرب لعنة وكل ما يقرب إليها من قول وعمل ونية وتمويل وتدخل. الحرب مؤسسة ماتت، ولكنها مازالت دواء في أيدي المتخلفين مثل الأدوية التي انتهى مفعولها (Expired) من أمثال الأسد السوري من فصيلة السنوريات، ومقاتلي الطوارق المتخلفين وهم يحتلون مالي، أو مجموعات التشنك الصربية قبل أن تأتيهم صواريخ الناتو ومقاتلات الأمريكيين للتأديب بعد طول صبر وانتظار. أو مقتل 900 ألف رواندي بين التوتسي والهوتو بالسواطير في ثلاثة أسابيع عدداً. والعالم الغربي المنافق لا يتدخل لإنقاذ هؤلاء المتخلفين المقرودين الجهلة. نحن كما نرى في مسرحية هزلية بين أذكياء خبثاء مقتدرين من أمثال بوتين ولافروف، وساذجين مغفلين، والحرب تدور على الأرض السورية ينفخ في ريحها فقهاء غائبون عن العصر ومتغيرات التاريخ وإحداثيات الفهم والعلم والسلم.