يلاحظ ارتفاع نسبة الطلاق في عدد من الدول العربية، فمن خلال الدليل الإحصائي لوزارة العدل السعودية، تشير الإحصائية إلى أنّ مجموع عقود الزواج في السعودية بلغت 64339 عقداً يقابله 15697 حالة طلاق، يعني نسبة الطلاق في المملكة كل 3 حالات زواج يقابلها حالة طلاق واحدة! وفي الكويت نسبة الطلاق وصلت إلى 35%، وفي مصر وصل الطلاق بين 5.34 والنسبة تزداد في الأعوام التالية، حيث تشير إلى 240 حالة طلاق رسمية تحدث يومياً، أما في دولة قطر فقد بلغت نسبة الطلاق 34.72 وهي ما بين الفئة العمرية 20 إلى 25 بما يعني أنّ الأرقام مهولة! وأما في المغرب، فقد بلغت نسبة الطلاق 23 % من حالات الزواج. فماذا الذي أصاب مجتمعاتنا؟ ولماذا ارتفعت نسب الطلاق خاصة في الفئة الشبابية؟ وفي مجتمعاتنا الشرقية والعربية نتقبل أن نقول رجل مطلق، ولكنها صفة قاسية على المرأة، كما نتقبل وصف الرجل بأنه غير متزوج أو أعزب، بينما تصعب الصفة على المرأة بأنها عانس أو تأخرت في الزواج. وللأسف لازال البعض يعتقد أن الطلاق ينال من سمعة ومكانة المرأة، فبالتالي تشعر المرأة بسبب هذا الاعتقاد بعدم الأمان على نفسها وعلى محيطها، لأنّ ذلك الشعور يشكل ضغطاً عصبياً رهيباً عليها، وبالتالي يؤثر سلباً على نفسيتها وعلى شخصيتها، ففي محطة الطلاق نجدها تعاني وتحس بالاضطراب الوجداني، وتشعر بالتوتر والاكتئاب، وإحساس بالوحدة والظلم والاضطهاد، ثم الانزواء! وهنا يجب الوقوف بجانبها واحتوائها، لإعادة التوازن النفسي لها، لأن التأثيرات النفسية على المرأة المطلقة أكثر من الرجل، لأنها حساسة وعاطفية بطبيعتها السيكولوجية، ولأنه كما ذكرنا هناك نظرة المجتمع لها ونظرتها المنتقصة لنفسها، وهنا يجب توضيح موقف الإسلام من الطلاق والمطلقة، فالمطلقة ليست إنساناً منبوذاً، بل هي شخص أخفق، أو فرضت عليه الظروف الإخفاق، في تجربة حياتية مؤلمة، وينبغي على أسرتها والمجتمع ككل أن يساعدها على النهوض والنجاح من جديد، والمصيبة تكون أكبر إذا كان هناك أطفال، ونتيجة ضغوطات معينة وافقت على الطلاق، أو إذا حصلت على الطلاق من بعد ما وافقت على ترك أطفالها، فهنا تتعاظم المصيبة أكثر، هذا هو الجو النفسي العام الذي تعانيه المرأة، لأنه دائماً ينظر إليها على أنها المقصرة، ولم تكن قادرة على تحمل المسؤولية، وقد تكون بالفعل مصدومة، وما أكثر المصدومات في مجتمعاتنا نتيجة لذلك! والمرأة في العالم العربي تستحي وتخاف من كلمة مطلقة، حتى لايقال إنها فاشلة في حياتها وزواجها، ولكن لماذا لا نقول إنها فشلت في تجربة وربما تنجح مع إنسان آخر؟ وفي كل الأحوال عليها أن تعتبر من تجاربها الماضية، وأن تختار في تجربتها المقبلة الرجل المناسب. وفي عصرنا الحاضر، إلى حدٍ ما، أصبحت المطلقة في وضع أفضل عمّا كانت عليه في السابق، ولديها عدة خيارات، وتستطيع أن تعمل، وأن تشغل نفسها في المجال التعليمي، وهو مايوفر لها القدرة على أن تندمج في المجتمع من جديد، وكانت المطلقة في السابق تمنع من الخروج! ويجب على أسرة المطلقة تقديم الدعم المعنوي والمادي، ومساعدتها حتى تستطيع تجاوز هذه الأزمة والتجربة الأليمة، وإشعارها بأنها ليست وحدها، أو أنها تشكل عبئاً عليهم، أو أنها فاشلة في حياتها، بل يجب مساعدتها في إيجاد وسائل تستطيع بها أن تشغل نفسها، ليتم تفريغ طاقاتها، وتحويلها إلى الإيجابية، للإبداع في العلم أو العمل، حتى تكسب خبرات علمية أو عملية، أو بهما معاً، حتى تشعر بذاتها وبأنها عضو فعال وليس على الهامش، سواءً مع أسرتها أو مجتمعها. ولنتذكر قول الرسول- صلى الله عليه وسلم – «رفقا بالقوارير» وقوله عليه الصلاة والسلام «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» ولتعلم المطلقات أن المحن تقّوي عزائمهن، فعليهن مواجهة المحن بالثقة في الله، ثم بالآمال، وبأنّ اليوم أفضل من الأمس، وأنّ الغد أفضل من اليوم، من خلال تنمية الطموح إلى الأفضل، والنظر المتفائل للمستقبل المشرق، بعد تحطيم قيود اليأس.