أعاد العسكريون الذين يتولون الحكم في مالي منذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس امادو توماني تورى يوم 22 مارس الماضي العمل بالدستور استجابة لمطالب المجتمع الدولي في وقت يشهد فيه شمال البلاد سيطرة المتمردين الطوارق على آخر المدن التي كانت حتى الآن بيد الجيش حسب مصادر متطابقة. إعادة الدستور قال رئيس المجلس العسكري الحاكم في البلاد امادو سانوغو أمس الأول « إننا نقطع على أنفسنا وعدا صادقا بإعادة العمل بدستور مالي لعام 1992 ومؤسسات الجمهورية «. ونقلت مصادر إعلامية عن العقيد موسى سينكو كوليبالي مدير مكتب رئيس المجموعة الانقلابية قوله في ختام لقاء مع رئيس «بوركينا فاسو» بليز كومباوري الذي يقوم بدور الوساطة في الأزمة المالية «بالنسبة إلى المبادئ الأساسية التي طلبت منا نقول إننا موافقون» و أضاف «لا بد من حياة دستورية منتظمة وطبيعية وما سنناقشه الآن هو ترتيبات التوصل إلى ذلك». وجاءت موافقة المجلس العسكري على العمل بالنظام الدستوري القديم بعد أن هددت المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «ايكواس» مجموعة الانقلابيين «بحظر دبلوماسي ومالي» بما في ذلك إغلاق الحدود حول بلادهم التي لا تطل على أي سواحل. كما جمد الاتحاد الإفريقي و الاتحاد البرلماني الدولي عضوية مالي عقب الانقلاب الذي أسقط الرئيس توماني توري. وتعهد قائد الإنقلاب الذي أطاح برئيس مالي بتنظيم عملية نقل السلطة إلى المدنيين مجددا حيث صرح سانوغو في البيان أنه تم الاتفاق على التشاور مع قوى سياسية محلية لإقامة مجلس انتقالي «بهدف تنظيم انتخابات ديمقراطية سلمية وحرة ونزيهة لن نشارك فيها». سيطرة الطوارق على الشمال وأصبح شمال مالي منذ أول أمس مسرحا لمعارك عنيفة بين الجيش الحكومي ومتمردو الطوارق التابعين ل»الحركة الوطنية لتحرير ازواد»، والذين حققوا تقدما بسيطرتهم على مدينتي كيدال وغاو الاستراتيجيتين. كما سيطروا على بلدة تمبوكتو آخر المدن التي كانت لاتزال في يد الجيش بشمال البلاد. وصرح محمد اسالي الذي انضم إلى «الحركة الوطنية لتحرير ازواد» الفصيل الرئيس في التمرد « إننا نسيطر على المعسكر الواقع عند مخرج المدينة» لطرد ما تبقى من الإدارة السياسية والعسكرية المالية. وأوضح أن المتمردين الإسلاميين يسيطرون على المعسكر الآخر الواقع داخل بلدة غاو بعد معارك عنيفة مع القوات الحكومية التي انسحبت من المدينة وغادرها أيضا مسؤولو عدد كبير من المنظمات غير الحكومية الدولية المقيمين بها. و قال أسالي «لدينا هدف مشترك مع الإسلاميين هو مكافحة السلطة المالية». قلق جزائري يشكل النزاع المسلح بين حركة تمرد الطوارق والانقلاب على نظام حكم الرئيس المالي مصدر قلق بالنسبة للجزائر، خاصة مع تلويح المتمردين عن دولة خاصة بالطوارق أو بإعلان الانفصال عن الوطن الأم، ودعت الجزائر في بداية النزاع المسلح إلى تسويته عبر الحوار وأعلنت استعدادها رعاية مفاوضات مباشرة بين الطرفين وأعلنت فرنسا وبعض القوى الغربية دعمها للمبادرة الجزائرية، واستفاد المتمردون الطوارق من الانقلاب الذي أطاح بالرئيس ماتوري، واستفادوا من الانفلات الأمني الذي حدث في ليبيا إثر سقوط نظام العقيد معمر القذافي وانتشار السلاح والمتاجرة به في المناطق الحدودية والمتاخمة لمالي حيث استفادت حركات التمرد والمنظمات الإرهابية من تدفق السلاح. وقال المتحدث الرسمي على لسان الخارجية الجزائرية «الجزائر تدعو مجددا بإلحاح إلى وقف المواجهات التي أخذت منحى مقلقا في شمال البلد، وشدد عمار بلاني في تصريح مقتضب وزعته وكالة الأنباء الجزائرية أن العودة السريعة إلى النظام الدستوري في مالي ضرورة سياسية ستمكن من استئناف المسار الديمقراطي ووضع قيادة سياسية شرعية في هذا البلد». وفي هذه الأثناء قال متحدث باسم المكتب السياسي لحركة تمرد الطوارق في شمال مالي إن الحركة تستعد للإعلان عن دولة الطوارق في الشمال المحرر خلال الأيام المقبلة.