الرياض – علي بلالي النظام السوري قرر احتواء كل شيء عبر استخدام القوة العسكرية ما يحدث في سوريا مأساة ذات أبعاد مهولة ومفجعة.. ولن نسمح بمواصلته أكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، في مؤتمر صحفي أمس في الرياض، على ضرورة أن يشكل الوقف الفوري للقتل الممنهج في سوريا أولوية الجهود الدائمة، وذلك وفق خطة الجامعة العربية وفي الإطار العام للشرعية الدولية، «على أن نأخذ في الحسبان أنَّ مذابح النظام السوري وصلت إلى مستويات لا يمكن وصفها إلا بالجرائم ضد الإنسانية، التي لا ينبغي للمجتمع الدولي السكوت عنها تحت أي مبرر كان»، حسب قوله. وقال وزير الخارجية، رداً على سؤالٍ بشأن مسألة تسليح المعارضة السورية ، «إنَّ المملكة يبدو أنها تعيد هذه الفكرة التي سمعنا عنها كثيراً في الأيام الأخيرة، وكيف تضمن أنَّ هذا السلاح لن يصل إلى أيدي الإرهابيين أو القاعدة»، إذ اعتقدنا أنَّ الدعاية من الجانب السوري فهذا يعني أنه لا يوجد حرب في سوريا، وهم مجرد إرهابيين هم الذين يحدثون الفوضى وأنَّ النظام هو الذي يقاتل ويحارب هذا الإرهاب، ولا يريدون الاعتراف بأنها ثورة في سوريا، ونحن شاهدنا قصف الدبابات التي تواصل تحركاتها، وبذلك نحن نعيش في عالم من الحقيقة والخيال اللذان يختلطان». وأضاف «إنَّ الأمر الجلي أمامنا جميعاً أنَّ ما يحدث في سوريا هو مأساة، وهي ذات أبعاد مهولة ومفجعة، وأنَّ القيادة والنظام قرروا أنهم سيحلون كل شيء ويواصلوا سيطرتهم على ضبط هذه الثورة واحتواء كل شيء عبر استخدام القوة العسكرية، وأنَّ قرارات المساعدة للسوريين، كانت لا تطبق في السابق، لكن الآن لابد من وسيلة لمساعدة السوريين». وأردف بالقول «إنهم يقتلون لأنهم لا يجدون مخرجاً من أزمتهم والقتل متواصل، وإننا لن نسمح بمواصلة هذا القتل وسوف نساعدهم على الأقل في الدفاع عن أنفسهم، ولا أحد يبحث عن الأضرار بسوريا، ونحن مع فكرة التسليح للمعارضة السورية التي تحارب من أجل حياتها وحريتها «. ووصف وزير الخارجية الاجتماع الوزاري الأول لمنتدى التعاون الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي والولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي استضافته الرياض أمس، بالإيجابي والبناء، وأوضح أنَّ الاجتماع جرى في إطار العلاقات الوثيقة بين الجانبين والقائمة على الاحترام المتبادل، وتكريس المصالح المشتركة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية وعلى المستويات الرسمية وغير الرسمية كافة. وقال، في البيان الافتتاحي للمؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده أمس في مقر «الخارجية» في الرياض بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون، إنَّ الأزمات والتحديات التي تمر بها المنطقة شكّلت محور المباحثات، وتابع «في نظرنا أنَّ الأوضاع الأمنية الهشة أحد أهم مسبباتها استمرار القضية الفلسطينية دون حل، واستمرار سياسة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وقد بحثنا في الاجتماع العديد من موضوعات الساعة وعلى رأسها المجزرة الإنسانية الشنيعة للشعب السوري، علاوة على بحث مستجدات الأوضاع في اليمن، وكذلك استعراض مجمل التطورات والأوضاع السياسية في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتداعياتها على أمن واستقرار المنطقة والعالم». وأضاف «ما من شك فإن التحديات والمخاطر التي تواجهها المنطقة، تظل أحد أهم عوامل تهديد أمنها واستقراراها، ومن هنا تأتي أهمية منتدى التعاون الاستراتيجي بين المجلس والولاياتالمتحدة، خصوصا أنَّ قضية الأمن الإقليمي في منطقة الخليج والشرق الأوسط – ولأهميته الاستراتيجية – يحظى باهتمام القوى الإقليمية والدولية، وذلك في ظل التوترات المتسارعة في المنطقة التي جعلت مصالح هذه القوى تتشابك أحيانا وتتقاطع أحيانا أخرى، ويأتي في مقدمة هذه التحديات النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، والإرهاب، والتدخلات الإيرانية المستمرة في شؤون دول المنطقة إضافة إلى برنامجها النووي المثير للريبة». وزير الخارجية: ننتهج سياسات التنمية المستدامة وأكد الأمير سعود الفيصل حرص دول مجلس التعاون الخليجي وفي سياق تعاملها مع أمن واستقرار المنطقة على حماية أمنها واستقرارها الداخلي بوصفها جزءاً لا يتجزأ من أمن المنطقة، مبيِّنا أنها انتهجت لذلك سياسة الإصلاحات الجادة والتنمية المستدامة لمجتمعاتها وشعوبها، مع حرص دول المجلس على بناء علاقات إيجابية وبناءة مع دول المنطقة والعالم تقوم على الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال، وخدمة المصالح المشتركة، وانتهاج سياسة الحوار لحل الأزمات مع الأطراف الإقليمية والدولية كافة. وأكمل «من هذا المنظور، فإننا نأمل أن يتحقق لدول المنطقة وشعوبها ما تصبو إليه من آمال وتطلعات لمستقبل مزدهر، والحفاظ على أمنها وسلامتها في ظل سيادتها واستقلالها ووحدة ترابها الوطني بمنأى عن أي تدخل خارجي»، ونوَّه باستجابة الشعب اليمني لمبادرة الانتقال السلمي للسلطة ودعوتهم إلى الاستمرار بنفس الروحية حيال تحقيق أمن اليمن واستقراره الذي من شأنه دعم الجهود الدولية الرامية إلى الإسهام في تنميته، مع التأكيد على أهمية تضافر هذه الجهود، مشيراً إلى أنه سيُعقَد في الرياض أواخر الشهر القادم اجتماع أصدقاء اليمن لهذا الغرض. وأضاف «أعتقد أننا خطونا خطوات مهمّة في مجال مكافحة الإرهاب، ومطلوب منا الاستمرار في هذه الجهود لحماية مجتمعاتنا من شرور الإرهاب، واقتلاعه من جذوره». كلينتون تندد بالممارسات الإيرانية في المنطقة بدورها، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية «أسعدني بالأمس أنه تسنت لي الفرصة بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز» ، وبيَّنت أنَّ الشراكة بين البلدين تعود إلى أكثر من ستة عقود. وأضافت «اليوم في الجلسة الافتتاحية لمنتدى التعاون الأمني تحدثنا في عدة موضوعات ومنها مساعدة الجيش الأمريكي وجيوش مجلس التعاون باتباع خطوات عملية تستهدف تحسين تكامل العمليات والتعاون في مجال الأمن البحري وتعزيز الدفاع الصاروخي البالستي في المنطقة وتنسيق الاستجابات للأزمات». وتحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية عن بعض التحديات الخاصة التي تواجه المنطقة، وبدأت بالشأن الإيراني حيث قالت «إنَّ إيران تستمر بتهديد جيرانها وتقوِّض الأمن الإقليمي من خلال دعمها لحملة القتل التي يمارسها نظام الأسد في سوريا والتهديد ضد حرية الملاحة في المنطقة والتدخل في اليمن، إنَّ العالم بأسره شعر بالغضب بعد التقارير التي تؤكد أنَّ إيران كانت تحيك مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في الولاياتالمتحدة بعد المزاعم بأنَّ إيران متورطة في الاعتداءات الإرهابية التي حدثت في الهند وجورجيا وتايلاند مؤخراً وأيضاً من أكبر الأمور قلقاً وإلحاحاً وهو نشاط إيران النووي». وفي الشأن السوري قالت «إنَّ القيادات من أكثر من ستين دولة ستجتمع يوم غد (اليوم) في اسطنبول في اللقاء الثاني لأصدقاء سوريا، وسمعنا في هذا الأسبوع من المبعوث الأممي والعربي أنَّ نظام الأسد قبل مبادرته بالخطة ذات النقاط الست، لكن الحكومة السورية بقيت كعهدها تتفق على شي ولا تعمل على تنفيذه، ومنذ ذلك اليوم تواصل القوات السورية بقصف الأحياء واستهداف دور العبادة». وبيَّنت أنه تم الاتفاق في الاجتماع الوزاري أمس على حث المبعوث الخاص بأن يحدد جدولاً زمنياً للخطوات المقبلة من سوريا، وتابعت «نتطلع للسماع منه يوم الإثنين عندما يخاطب مجلس الأمن لنحدد بعدها الخطوات القادمة، إضافة لخطوات زيادة الضغط على النظام وتوفير الحماية الإنسانية بالرغم من العقبات التي يضعها النظام والبحث في سبل دفع انتقال شمولي ديمقراطي يلبي طموحات الشعب السوري ويحمي تكامل أراضيه ووحدة الأراضي السورية». وأشادت «كلينتون» بتعامل المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي مع الأزمة حيث كانوا مناصرين للشعب السوري. الأمير سعود الفيصل وهيلاري كلينتون (رويترز)