سليم صالح الحريص في البدء نهنئ معالي مدير جامعة الجوف الدكتور إسماعيل بن محمد البشري على الثقة التي تقلَّدها ونسأل الله له العون والتوفيق في مهمة جليلة وواجب وطني يقتضي الجلد والصبر والمثابرة. موقع يتطلب من معاليه وهو يقرأ السطور الأولى في سجل الجامعة أن يستهلَّ القراءة مستعيناً بالله أولاً ثم بما هيأته له حكومتنا الرشيدة من إمكانيات مالية وميزانية، تنتظر من ينفقها في مواقعها الصحيحة، ومن ثمَّ بحنكته وثاقب بصيرته، مرفودة بخبرة ومراس، ليرى كل شيء دون رتوش أو تجميل من أحد، دون سوءات أو إخفاقات، وما أكثرها من سوءات وإخفاقات. وأرجو من معاليه أن يوصد كل منفذ يتسلل منه أولئك الذين كان وجودهم أكثر ضرراً من نفعهم، وأعاقوا، بل وعطَّلوا مسيرة جامعة، أرادت لها القيادة أن تكون منارة علم وإشعاع، ومنحتها كل شيء كي تطلع بدورها الذي تمنينا لها أن تؤديه، ولكنها كانت مثل ولادتها، وبقيت تدور في فلك ضيق الدائرة، رتيبة الحركة، مترددة الخطو! حين أتابع جامعات، ولدت بعد جامعة الجوف بسنوات، مثل جامعة المجمعة على سبيل المثال لا الحصر، استطاعت أن تفعل أشياء، وتتميَّز بأشياء، وتحقق الكثير، أتساءل مثل أي مواطن: أين غابت جامعة الجوف؟ ولماذا غابت؟ ومن غيَّبها؟ بل ومن الذي أعاقها؟ نعم كل مواطن كان ينتظر إبداعاً، وينتظر عطاءاً سخيَّاً، وهو مالم يتحقق، وبقيت مكبلة الخطوات، أسيرة الروتين، متردِّدة حتى في تنفيذ القرارات، فبثت في النفس كثيراً من الإحباط، ومن اليأس الشيء الكثير.كنا في القريات، وبحكم الارتباط الإداري ننتظر من هذه الجامعة أن تشعرنا بشيء من هذا الحق، وأن تعطينا مانتمناه ولكن...! لقد رضينا بالشيء الذي يحقق جزءاً من تطلعات الأهالي، ويجسد رغبة القيادة الرشيدة في أن تشمل مظلة التعليم الجامعي كل مناطق المملكة، وأن يكون للقريات كليات تلّبي متطلبات العملية التعليمية الجامعية لأبنائها، وأن تكفيهم عناء البحث عن كليات تحتضنهم وتوفّر لهم التخصصات التي يبحثون عنها. لقد أنشأت جامعة الجوف كلية العلوم والآداب، وبقيت هذه الكلية التي اعتبرناها نواة لكليات أخرى رهينة غرف كلية المجتمع، والتي ولدت من جامعة الملك سعود، وكانت حية معطاءة، حاضرة متجدِّدة، ولكن سرعان ماخفت بريقها بعد إلحاقها بالجامعة! وبعد عدة سنوات انتقلت إلى مبنى مستأجر، وبأقسام محدودة وتخصصات قليلة، ولكنها امتصت واحتضنت بعض الطلبة. فيما بقيت كلية التربية للبنات، والتي هي بالأساس كلية البنات في عهد الرئاسة العامة لتعليم البنات، في مبناها المدرسي، والخاص بالابتدائية الرابعة، فيما بقيت أقسام أخرى في مبنى مستأجر بحي المطار. مبنى ضيق لايستوعب أعداد الطالبات، وبعض الفصول العلوية مسقوفة ب»الشينكو» ومرافق متهالكة، كشبكة الصرف الصحي، وأبواب ضيقة لاتستوعب تزاحم الطالبات عند الدخول والخروج. أما الأثاث والمعامل ومتطلبات العملية التعليمية، فهي أكثر من سيئة، وغير ذلك الشيء الكثير مما يزعج ويغضب، أي مسؤول مؤتمن وهو أمين. أما كلية العلوم الصحية للبنات، وهي في مبنى مستأجر، فبقيت على حالها منذ عهد وزارة الصحة. أما بعض السيارات، فما زالت تحمل اسم «المعهد الصحي للبنات» على جوانبها! مايجعلني أضع الكثير من علامات الاستفهام، هو أن تبقى الأوامر السامية والصادرة من مقام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بافتتاح عدد من الكليات بالقريات، منذ عدة سنوات، رهينة الأدراج في الجامعة، وآخر تلك القرارات كلية الطب، فمن المتسبب؟! ومن له مصلحة في تعطيل هذه الأوامر؟ أليس في هذه الأفعال، ومن قام بها، إفساد وفساد؟! لقد تسلَّمت وزارة التعليم العالي قطعة أرض مساحتها في حدود عشرة ملايين متر مربع، وصدر صكها، فلماذا لاتقام مبان لهذه الكليات؟ ولماذا تركز جامعة الجوف كل منشآتها في سكاكا دون أن تنظر للقريات وطبرجل في مشروعاتها وكأنهما خارج نطاق خيرات الجامعة؟ كنا نتطلع لأن تكون في القريات جامعة، أسوة بشقراء والخرج والمجمعة، ولمسوغات عديدة ومبررات أقوى، منها البعد الجغرافي عن الجوف، والكثافة السكانية المرفودة من مدن طبرجل وكافة القرى المجاورة لها، إضافة لمدينة طريف القريبة أيضاً من القريات، والتي تجعل من وجود جامعة بالقريات ضرورة، وليست كمالية.إننا نتطلع، وبكل ثقة واطمئنان، لمعالي وزير التعليم العالي، وجهوده المخلصة والجلية في أن يترجم تطلعات الأهالي إلى حقيقة على أرض الواقع، ونتطلع إلى معالي مدير جامعة الجوف أن يعالج كل ما ارتكب من أخطاء، ويصحح مسار جامعة، وُفرت لها كل متطلبات النجاح.