في ظل الإدارة المركزية وبيروقراطيتها، طبيعي أن تعجز إدارات الحكم المحلي عن تحقيق شيء من الطموحات في مختلف الجوانب. في الأعوام الأولى من العقد الماضي أنشئ في مدينة حائل الهيئة العليا لتطوير المنطقة، وكان لهذه الهيئة الفضل في إبراز حاجات وآمال هذه المدينة المتخلفة تنمويا. فكان للهيئة عدد من الطروحات التنموية الطموحة، تحقق بعضها والبعض الآخر تعطل بسبب المركزية، كالخدمات الصحية والبنى التحتية، أو بسبب خذلان رجال أعمال المنطقة مع الأسف. كما جرى مع شركة حائل الطبية، التي تعثرت وتعثر معها مشروع المستشفى السعودي الألماني . هذه المعوقات لن يحمل عاقل الهيئة وزرها. والتي ساهمت في تعثر عدد من المشروعات الحيوية المهمة كمشروع مطار حائل الدولي، والمدينة الاقتصادية، وتطوير أرض الدفاع. لكن نختلف مع الهيئة حول بعض الأولويات، وحول تقديم بعضها وتأخير البعض الآخر. أول ما نختلف حوله مع الهيئة هو رالي حائل، حقيقة من يتتبع سيرة الرالي منذ تدشينه يدرك حجم»ضياع الهوية» بالنسبة للرالي، والدليل هو إقامة مخيم لتقديم خدمات التجميل مجانا! فلا أحد يعلم هل هو فعالية رياضية بحتة أم مهرجان سياحي أم مشروع ربحي...، فالكل يعلم أن الراليات منافسات رياضية لها أبعاد تجارية متخصصة، عادة ما يستفيد منها المعلنون والممولون سابقا، بغض النظر عن مكان إقامة السباق الذي ربما لا يلاقي إلا مزيدا من الغبار! لكن الهيئة ربما أرادت ضرب سرب من العصافير بحجر فأرادت منه مهرجانا سياحيا ومشروعا استثماريا فخرج لنا هذا المولود الخديج المسمى برالي حائل. فلو مر أحد بفروع الدفاع المدني يدهش لعدم وجود سيارات الإطفاء، التي اصطفت بعيدا على الدائري الغربي في مشهد حاتمي مهيب استقبالا للضيوف! أما المحور الآخر الذي نختلف مع الهيئة فيه هو أرض الحرس الوطني، تلك الأرض التي تشكل 20% من مساحة حائل، ولا يعرف أحد مصيرها إلى الآن، لكن في الآونة الأخيرة نشر في «الشرق» هنا خبر توقيع عقود لتطوير هذه الأرض، وذلك بإقامة مشروعات ترفيهية وسياحية وحسب! فلكم أن تتخيلوا، 20% من مساحة المدينة سيكون مخصصا للسياحية، فهل نحن مقبلون على «ديزني» سعودية؟! أعتقد أنه من العبث الحديث عن السياحة في ظل وجود سبعين ألف مواطن على قائمة انتظار المنح، لمَ لا تسلم الأرض للبلدية ووزارة الإسكان وتحل مشكلة الأراضي في المدينة نهائيا؟! وتحتفظ الهيئة بالأراضي التجارية داخل الأرض. فحائل ليست بحاجة إلى تجربة سياحية مريرة أخرى كتلك التي حدثت في أرض وادي إديرع، التي كان من المفترض إقامة كورنيش حائل البري فيها، والذي تحول بقدرة قادر إلى مخطط كورنيش حائل! المهدد بالغرق. والمدهش أيضا هو اقتطاع جزء من أرض الحرس لإقامة مشروع ديني أقام مستثمره مجمعا سكنيا تجاريا ومسجدا، تتسع أرضه لسكن مائة أسرة. هذا الجزء يقال أنه بيع بعشرات الملايين، دخلت لحساب الهيئة، أين هي وأين صُرفت؟! الخلاصة أقترح على الهيئة الاستغناء عن ال12 مليارا التي سيوسع بها سبعة كيلومترات فقط من طريق الملك عبدالعزيز، وتنشئ الهيئة بأرض الحرس»NEW»حائل على غرار نيويورك ونيودلهي وتترك وسط البلد على هيئته كأي وسط بلد في العالم، تكسب أجر سبعين ألفا في قوائم الانتظار، وتؤسس تجربة المدن الجديدة.