هل يمكن أن تكون الثامنة ساعة مشهودة ليضبط السعوديون عليها توقيتهم؟! وإلى أي مدى تتجاسر عقاربها ابتغاء أن تنحفر على جدراننا بوصفها علامات مضيئة؟ في الأثناء التي نرهف فيها أسماعنا لدقات نبضها التي من شأنها أن تصدح فينا أنشودة: «إن الحياة دقائق ووطن»! وهل أني سأخسر الرهان ساعة أن أتنبأ بأن هذه الساعة سيكون من شأنها: التأريخ بها مستقبلا ليقال تاليا: هذا كان فيما قبل الثامنة أما ذاك فقد صار فيما بعدها؟! يمكن أني قد «كبرت اللقمة»، ودحوت مفردتي حمولة دلالة من عيار ثقيل، والأمر أهون من ذلك بكثير! عزائي أني أكتب «منتشيا» إذ أسكرتني: «مفردة» كانت هي الضوء في آخر عتمة نفق أسئلة: «النباش» داود الشريان، آه يا لدوزنة موسيقى تلك (المفردة) إذ كدت أن أهرم ولم تطرق سمعي بعد! لا تثريب عليكم -يا سادة- إنه لسكر حلال وموسيقى المفردة مباح والرقص فيما بينهما سائغ دون خرم للمروءة! وإذن.. فدعوني أحتفل وإن شئتم فشاركوني احتفاليتي: ذلك أن: صاحب السمو الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي: رئيس الهيئة العامة للاستثمار الأجنبي سابقا قرر قبل أن (يبلغ منا الهرم مبلغه) أن يعترف وهو المسكون إبانها بنشوة «نجاحات وطن»؛ إذ قال في (الثامنة) من برنامج داود الشريان: «تركت العمل في الهيئة لأني فشلت...» إي والذي فطر السموات والأرض لقد قالها وأروى بذلك قلوبا عطشى، قالها وبمخارج حروف سليمة: «فشلت» إيه: «فشلت»، كذا -وأيم الله أبان عن نجاحه- إذ قال «فشلت» ورحت أتناولها سماعا بالآتي: الفاء: حرف شفهي وهاهنا وضوح وشفافية ولا ينبس ببنت شفة بمثل هذا إلاّ كبير، وتأتي الشين وهي من أحرف التفشي تشي بأن خبره سيبلغ الآفاق ليكون لمن خلفه آية في الصدق، أما حرف (ل): فمخرجه من حافة اللسان الأمامية إذ قالها: «فشلت» بلسانه هو لا بلسان سواه؛ ليأتي بالتالي حرف التاء: ومخرجه ظهر اللسان والأمير هاهنا يحقق موقفه من الفشل بمحض إرادة واثق الخطو ينتظره إنجاز في مكان آخر. كل السعوديين -يا ابن فيصل- خلعوا لك «شمغهم والعقل والطواقي» ثم قالوا بصوت واحد مموسق: «هنيئا لنا بك لأنه ما ثمة ناجح إلا أنت»! ونحن بانتظار بقية الفاشلين لينجحوا بترك أمكنتهم من أجل «الوطن وإنسانه». «لن يبلغ المجد إلا من جرح بسيف الفشل» ألبرت هوبارت.