لم تؤد وساطة زعيم المجلس الإسلامي الأعلى في العراق، عمار الحكيم، عند رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، إلى حلحلة موقفه المنتقد لطريقة إدارة زعيم كتلة دولة القانون، نوري المالكي، للحكومة، والتي يرى «بارزاني» أنها تشكلت بتضحيات الأكراد. وكشفت مصادر عراقية مطلعة، في حديثها ل «الشرق»، أن قيادة التحالف الوطني (أكبر كتلة برلمانية تضم الأحزاب الشيعية، وينضوي تحت لوائها كتلة دولة القانون) طلبت من رئيس المجلس الأعلى استثمارعلاقاته مع «بارزاني» للانتهاء من ملفات خلافية قبل عقد اللقاء الوطني، الذي من المقرر أن يتم قبل أو بعد القمة العربية التي تستضيفها بغداد نهاية مارس الجاري، بغرض التوافق بين فرقاء السياسة في البلاد بدعوة من الرئيس جلال طالباني. مخاوف من تحالف الكتلتين الكردية والعراقية وقالت المصادر إن تصاعد حدة التصريحات بين نواب كتلتي دولة القانون والتحالف الكردستاني يعكس حدة الخلافات بين الطرفين، وأضافت إن عدم موافقة «بارزاني» على تسليم ضيفه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، المتهم بجرائم إرهابية، لبغداد جعل أطرافاً مهمة في «دولة القانون» تستشعر مخاطر أي تحالف مقبل بين الكتلتين الكردية والعراقية، كون الطرفين لهما مطالب واضحة تتعلق بتطبيق اتفاقيات إربيل التي شُكِّلت على أساسها حكومة «المالكي» الثانية. وكان عمار الحكيم ومسعود بارزاني شددا على ضرورة الاحتكام للدستور والثوابت الوطنية لحل الإشكاليات والخلافات السياسية، وقال الحكيم، في مؤتمر صحفي مشترك مع بارزاني في إربيل التي حل الأول ضيفاً عليها، «إن التحالف بيننا له بُعد كبير، لذلك نستثمر الفرصة لنجدِّد حرصنا على الشراكة الحقيقية والوئام الوطني بين العراقيين وأن نعمل جاهدين على إرساء الديمقراطية».وتابع الحكيم «واقعنا ليس مفروشاً بالورود فهناك إشكاليات، وهناك غموض في القراءات لطبيعة الصلاحية بين الحكومة الاتحادية والإقليم والمحافظات، لابد أن نقف لمعالجة هذه الإشكاليات ووضع النقاط على الحروف وتسوية هذه الأمور بحلول شاملة وعلى أساس الدستور والثوابت الوطنية المعروفة»، وعن اللقاء الوطني ذكر الحكيم أنه يمثل خطوة أساسية لحل العديد من الإشكاليات العالقة وتوقع أن يحقق قفزة إلى الأمام. من جانبه، قال «بارزاني:» إن مشكلة «الهاشمي» تخص كل العراق، وأضاف «اقترحت والآن أجدد الاقتراح بعقد اجتماع للرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء التي تشمل نواب الرؤساء) لكون استمرار المشكلة أو معالجتها بطريقة أخرى دون التوافق قد يؤدي إلى نتائج تكون مسيئة للعراق، لذلك هي مشكلة كل العراقيين واقترح أن تجتمع الرئاسات لكي تقرر الحل لهذه المشكلة». واستطرد «لست بصدد الدفاع عن الهاشمي، إنما أقول إن المشكلة تخص العراق وكل العراقيين ولابد من حل هذه المشكلة بطريقة لا تضر العراق أو تؤدي إلى تداعيات خطيرة، أنا اقترحت أن تجتمع الرئاسات الثلاث وتقرر وسنلتزم بما تقرره الرئاسات، لكن قناعتي الشخصية أن القضية فيها جانب سياسي ومسيسة إلى حد ما، وليس كل مايقال في الإعلام حقيقة ربما فيه جوانب غامضة، لذلك أعتقد أن الموضوع يجب أن ينظر فيه من مصلحة العراق وهذا يتم من خلال قرار تتخذه الرئاسات الثلاث». تصاعد التوتر بين «دولة القانون» و»التحالف الكردستاني»في سياقٍ متصل، تصاعدت حمى التصريحات بين «دولة القانون» و»التحالف الكردستاني» خاصة بعد أن هاجم القيادي في ائتلاف دولة القانون، النائب ياسين مجيد، رئيس إقليم كردستان على خلفية تصريحاته التي جدد فيها رفضه تسليم «الهاشمي». وكان مجيد قد أشار، في مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب وحضرته «الشرق»، إلى أن «بارزاني» أراد من تصريحاته الأخيرة توجيه رسالة للداخل وللخارج وخصوصاً تركيا وبعض الدول العربية بأنه حامي العرب السُنة ضد الشيعة. واعتبر «مجيد» تصريحات «بارزاني» بخصوص «الهاشمي»، والتي قال فيها إن الأخلاق الكردية لا تسمح له بتسليمه إلى بغداد، تجعله يتساءل «هل تسمح الأخلاق الكردية باستضافة رجل متهم بقتل المدنيين الأبرياء؟ وكيف سمحت الأخلاق الكردية في 31 أغسطس 1996 بدخول المخابرات العراقية والجيش العراقي في عهد النظام السابق إلى إقليم كردستان لاعتقال ما بين 700 إلى 900 شخص من المناضلين في الاتحاد الوطني الكردستاني والمؤتمر الوطني العراقي؟». بدوره، هدد النائب عن التحالف الكردستاني، فرهاد الأتروشي، رئيس الوزراء المالكي ومن معه من أمثال ياسين مجيد بدفع الثمن غالياً لمعاداتهم الكتل السياسية الأخرى، واعتبر أن المالكي ومن معه صمتوا قبل وبعد الانتخابات وتوقفوا عن مضايقة كردستان وعندما تم للمالكي ما أراد في حصوله على رئاسة الوزراء عاد وهاجم إقليم كردستان». ويرى الناطق باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان، النائب مؤيد الطيب، أن فشل حكومة بغداد في توفير الأمن والاستقرار والخدمات ليس سراً كشفه رئيس إقليم كردستان، وتابع «تردي الأوضاع العامة في البلاد وفشل حكومة بغداد في النهوض بهذا الملف بات أمراً معروفاً وليس سراً كشفه مسعود بارزاني». ودعا «الطيب» من يدافع عن «إنجازات الحكومة» إلى الاطلاع على واقع الخدمات والالتقاء بالمواطنين حتى يتحرر من الصورة المزيفة التي رسمها للعراق في مخيلته، على حد تعبيره.